للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جماعة من شراح الحديث وغيرهم، والمراد بالخرور والخروج مع الماء المجاز عن الغفران لأن ذلك مختص بالأجسام، والخطايا ليست متجسمة، وفي حديث الباب وما بعده رد لمذهب الإِمامية في وجوب مسح الرجلين.

وقد ساق المصنف رحمه الله تعالى الحديث للاستدلال به على غسل المسترسل من اللحية لقوله فيه: "إلا خرت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء" (١) وفيه خلاف فذهب المؤيد بالله وأبو طالب وأبو حنيفة إلى عدم الوجوب إن أمكن التخليل بدونه (٢)، وذهب أبو العباس إلى وجوبه وهو مذهب الشافعي في إحدى الروايات واستدلوا بالقياس على شعر الحاجبين، ورد بأن شعر الحاجب من الوجه لغة لا المسترسل (٣).

وقد استنبط المصنف (٤) رحمه الله تعالى من الحديث فوائد فقال: فهذا يدلُ على أن غَسْلَ الوجهِ المأمورَ بهِ يشتمِل على وصولِ الماءِ إلى أطرافِ اللحيةِ. وفيه دليل على أن داخِلَ الفمِ والأنفِ ليس من الوجه حيثُ بيَّنَ أن غسلَ الوجهِ المأمور به غيرهما ويدل على مسح كل الرأس حيث بيَّنَ أن المسحَ المأمورَ بهِ يشتملُ على وصول الماءِ إلى أطرافِ الشعرِ. ويدل على وجوب الترتيب في الوضوء لأنه وصفه مرتبًا، وقال في مواضع منه: "كما أمره الله ﷿" انتهى. وقد قدمنا الكلام على أن داخل الفم والأنف من الوجه وعلى الترتيب. وسيأتي الكلام على مسح الرأس (٥).

[[الباب الثامن] باب في أن إيصال الماء إلى باطن اللحية الكثة لا يجب]

١٥/ ١٧٧ - (عَنِ ابْنِ عَباس أنهُ تَوَضَّأ فَغَسلَ وَجْهَهُ فَأخَذَ


(١) وهو جزء من حديث الباب الذي أخرجه مسلم رقم (٢٩٤/ ٨٣٢) وقد تقدم ص ٥١٥.
(٢) انظر: "البحر الزخار" (١/ ٦٠ - ٦١).
(٣) انظر: المرجع السابق (١/ ٦١).
(٤) أي ابن تيمية الجد في "المنتقى" (١/ ٩١).
(٥) الباب الثالث عشر، عند الحديث رقم (٢٦/ ١٨٨) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>