للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد استدل في البحر (١) لأهل المذهب الثالث بحديث عمار المشهور وفيه: "إنما تغسل ثوبك من البول" إلخ، وهو مع اتفاق الحفاظ على ضعفه لا يعارض أحاديث الباب؛ لأنها خاصة وهو عام، وبناء العام على الخاص واجب، ولكن جماعة من أهل الأصول - منهم مؤلف البحر (١) - لا يبنون العام على الخاص إلا مع المقارنة، أو تأخر الخاص، وأما مع الالتباس كمثل ما نحن بصدده فقد حكى بعض أئمة الأصول أنه يبنى العام على الخاص اتفاقًا، وصرح صاحب البحر (١) أن الواجب الترجيح مع الالتباس.

ولا يشك من له أدنى إلمام بعلم الحديث أن أحاديث الباب أرجح وأصح من حديث عمار، وترجيحه لحديث عمار بالظهور غير ظاهر، وقد جزم صاحب البحر في المعيار (٢) وشرحه بأن الواجب مع الالتباس الإطراح فتخالف كلامه. وجزم صاحب المنار (٣) بأن العام متقدم والخاص متأخر، ولم يذكر لذلك دليلًا يشفي. وأما الحنفية والمالكية فاستدلوا لما ذهبوا إليه بالقياس، فقالوا: المراد بقوله: ولم يغسله: أي غسلًا مبالغًا فيه، وهو خلاف الظاهر، ويبعده ما ورد في الأحاديث من التفرقة بين بول الغلام والجارية فإنهم لا يفرقون بينهما.

والحاصل أنه لم يعارض أحاديث الباب شيء يوجب الاشتغال به.

[[الباب السابع] باب الرخصة في بول ما يؤكل لحمه]

١٩/ ٣٧ - (عَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ أن رَهْطًا مِنْ عُكْلٍ أوْ قَالَ عُرَيْنَةَ قَدِمُوا فَاجْتَوَوْا المَدِينَةَ فَأمَرَ لَهُمْ رَسُولُ الله بِلِقَاحٍ وأمَرَهُمْ أنْ يَخْرُجُوا فَيَشرَبُوا مِنْ أبْوَالِها وألْبَانِهَا. مُتفقٌ عَلَيْهِ (٤). [صحيح]


(١) (١/ ١٩).
(٢) هو: "معيار العقول في علم الأصول" للإمام المهدي أحمد بن يحيى المرتضى الحسني. (مخطوط).
(٣) (١/ ١٨).
(٤) أحمد في المسند (٣/ ١٠٧، ١٦١، ١٩٨، ٢٨٧، ٢٩٠). =

<<  <  ج: ص:  >  >>