للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَضوئِه" ويحتمل أنه صب عليه ما بقي منه، والأول ظهر لقوله في حديث الباب: "فَتَوضّأ وصبَّ وَضُوءَهُ عَليَّ"، ولأبي داود (١): "فَتوضَّأ وصبَّهُ عليَّ" فإنه ظاهر في أن المصبوب هو الماء الذي وقع به الوضوء. قوله: (ما تنَخَّمَ) التنخم دفع الشيء من الصدر أو الأنف.

[[اختلاف العلماء في طهورية الماء المستعمل]]

وقد استدل الجمهور بصبه لوضوئه على جابر وتقريره للصحابة على التبرك بوضوئه، [و] (٢) على طهارة الماء المستعمل للوضوء، وذهب بعض الحنفية (٣) وأبو العباس إلى أنه نجس، واستدلوا على ذلك بأدلة:

(منها) حديث أبي هريرة بلفظ: "لا يَغْتَسلنَّ أحَدُكُم في الماء الدَّائمِ وهُوَ جُنُبٌ". وفي رواية: "لا يَبُولنَّ أحدُكُم في الماءِ الدَّائمِ ثم يُغْتَسِل فيهِ" وسيأتي (٤).

قالوا: والبول ينجس الماء فكذا الاغتسال، لأنه قد نهى عنهما جميعًا.

(ومنها) الإِجماع على إضاعته وعدم الانتفاع به.

(ومنها) أنه مائع أزيل به مانع من الصلاة فانتقل المنع إليه كغُسالة النجس المتغيرة.

ويجاب عن (الأوّل) بأنه أخذ بدلالة الاقتران وهي ضعيفة، وبقول أبي هريرة يتناوله تناولًا كما سيأتي، فإنه يدل على أن النهي إنما هو عن الانغماس لا عن الاستعمال، وإلا لما كان بين الانغماس والتناول فرق.

وعن (الثاني) بأن الإِضاعة لإِغناء غيره عنه لا لنجاسته.

وعن (الثالث) بالفرق بين مانع هو النجاسة ومانع هو غيرها، وبالمنع من أن كل مانع يصير له بعد انتقاله الحكم الذي كان له قبل الانتقال، وأيضًا هو تمسك بالقياس في مقابلة النص، وهو فاسد الاعتبار. ويلزمهم أيضًا تحريم شربه وهم لا يقولون به.


(١) في السنن رقم (٣٠٩٦) دون ذكر الوضوء.
(٢) زيادة عما في المخطوط اقتضتها الجملة.
(٣) انظر: شرح فتح القدير (١/ ٩٢ - ٩٣).
(٤) سيأتي تخريجه في كتابنا هذا رقم (٦/ ٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>