للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من كونها أشد في الاستقذار أن لا يكون الولوغ أشد منها في تغليظ الحكم، وبأنه قياس في مقابلة النص الصريح وهو فاسد الاعتبار.

(ومنها) أيضًا أن الأمر بذلك كان عند الأمر بقتل الكلاب فلما نهى عن قتلها نسخ الأمر بالغسل، وتعقب بأن الأمر بقتلها كان في أوائل الهجرة والأمر بالغسل متأخر جدًّا لأنه من رواية أبي هريرة، وعبد الله بن مغفل، وكان إسلامهما سنة سبع، وسياق حديث ابن مغفل الآتي (١) ظاهر في أن الأمر بالغسل كان بعد الأمر بقتل الكلاب، وقد اختلف أيضًا في وجوب التتريب للإناء الذي ولغ فيه الكلب، وسيأتي بيان ذلك في باب اعتبار العدد.

[(الكلام على نجاسة الكلب)]

واستدل بهذا الحديث أيضًا على نجاسة الكلب لأنه إذا كان لعابه نجسًا وهو عرق فمه، ففمه نجس، ويستلزم نجاسة سائر بدنه، وذلك لأن لعابه جزء من فمه، وفمه أشرف ما فيه فبقية بدنه بالأولى، وقد ذهب إلى هذا الجمهور. وقال عكرمة ومالك في رواية عنه (٢): أنه طاهر. ودليلهم قول الله تعالى: ﴿فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ﴾ (٣) ولا يخلو الصيد من التلوث بريق الكلاب، ولم [نؤمر] (٤) بالغسل. وأجيب عن ذلك بأن إباحة الأكل مما أمسكن لا تنافي وجوب تطهير ما تنجَّس من الصيد، وعدم الأمر للاكتفاء بما في أدلة تطهير النجس من العموم، ولو سلَّم فغايته الترخيص في الصيد بخصوصه.

واستدلوا أيضًا بما ثبت عند أبي داود (٥) من حديث ابن عمر بلفظ: "كانتِ الكلابُ تُقبلُ وتُدْبِرُ زمان رسول الله في المسجدِ فلم يكونوا يرُشُّونَ شيئًا من ذلكَ" وهو في البخاري (٦). وأخرجه الترمذي (٧) بزيادة "وتبول"، ورد بأن البول مجمع على


(١) سيأتي في كتابنا هذا برقم (٢/ ٢٠).
(٢) انظر: "الاستذكار" (٢/ ٢٥٨).
(٣) سورة المائدة الآية: ٤.
(٤) في (ب): (يؤمر).
(٥) في السنن رقم (٣٨٢).
(٦) في صحيحه (١/ ٢٧٨ رقم ١٧٤) معلقًا. بزيادة: وتبول.
(٧) لم أقف عليه عند الترمذي. وقد أخرجه أحمد رقم (٥٣٨٩) بسند صحيح. والبغوي في شرح السنة (٢/ ٨٢ رقم ٢٩٢) وقال: حديث صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>