للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النجاسات، وحملوا حديث السبع على الندب، واحتجوا بما رواه الطحاوي (١) والدارقطني (٢) موقوفًا على أبي هريرة أنه يغسل من ولوغه ثلاث مرات، وهو الراوي للغسل سبعًا، فثبت بذلك نسخ السبع وهو مناسب لأصل بعض الحنفية من وجوب العمل بتأويل الراوي، وتخصيصه ونسخه، وغير مناسب لأصول الجمهور من عدم العمل به.

ويحتمل أن أبا هريرة أفتى بذلك لاعتقاده ندبية السبع لا وجوبها [أو] (٣) أنه نسي ما رواه. وأيضًا قد ثبت عنه أنه أفتى بالغسل سبعًا، ورواية من روى عنه موافقة فتياه لروايته أرجح من رواية من روى عنه مخالفتها من حيث الإسناد ومن حيث النظر، أما من حيث الإسناد فالموافقة وردت من رواية حماد بن زيد عن أيوب عن ابن سيرين عنه (٤)، وهذا من أصح الأسانيد. والمخالفة من رواية عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عنه (٥)، وهو دون الأول في القوة بكثير، قاله الحافظ في الفتح (٦)، وأما من حيث النظر فظاهر. وأيضًا قد روى التسبيع غير أبي هريرة (٧) فلا يكون مخالفة فتياه قادحة في مروي غيره، وعلى كل حال فلا حجة في قول أحد مع قول رسول الله .

ومن جملة أعذارهم عن العمل بالحديث أن العذرة أشد نجاسة من سؤر الكلب، ولم تقيد بالسبع، فيكون الولوغ كذلك من باب الأولى، ورد بأنه لا يلزم


(١) في "شرح معاني الآثار" (١/ ٢٣).
(٢) في السنن (١/ ٦٦ رقم ١٦) وقال: هذا موقوف، ولم يروه هكذا غيرُ عبدِ الملكِ عن عطاء، والله أعلم.
(٣) في (جـ): (و).
(٤) أخرجه البيهقي في "المعرفة" (٢/ ٦٠).
(٥) قال البيهقي في "المعرفة" (٢/ ٥٩ - ٦٠): "وأما الذي يُروى عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء، عن أبي هريرة موقوفًا عليه: "إذا ولغَ الكلبُ في الإناء فأهرقه، ثم اغسله ثلاث مرات". فإنه لم يروه غير عبد الملك، وعبد الملك لا يُقبل منه ما يخالف فيه الثقات. وقد رواه محمد بن فُضَيْل، عن عبد الملك، مضافًا إلى فعل أبي هريرة دون قوله … " اهـ.
(٦) (١/ ٢٧٧).
(٧) قال البيهقي في "المعرفة" (٢/ ٦٠): "وروي عن علي، وابن عمر، وابن عباس، مرفوعًا في الأمر بغسله سبعًا" اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>