للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومن أنواع الذل: الخراج الذي يسلمونه كل سنة لملَّاك الأرض. وسبب هذا الذلّ - والله أعلم - أنهم لما تركوا الجهاد في سبيل الله الذي فيه عز الإسلام وإظهاره على كل دين عاملهم الله بنقيضه، وهو إنزال الذلة بهم، فصاروا يمشون خلف أذناب البقر بعد أن كانوا يركبون على ظهور الخيل التي هي أعز مكان.

قوله: (حتى ترجعوا إلى دينكم)، فيه زجر بليغ لأنه نزل الوقوع في هذه الأمور منزلة الخروج من الدين وبذلك تمسك من قال بتحريم العينة.

وقيل: إن دلالة الحديث على التحريم غير واضحة، لأن قرن العينة بالأخذ بأذناب البقر والاشتغال بالزرع وذلك غير محرم وتوعد عليه بالذل وهو لا يدل على التحريم، ولكنه لا يخفى ما في دلالة الاقتران (١) من الضعف.

ولا نسلم أن التوعد بالذل لا يدل على التحريم، لأن طلب أسباب العزة الدينية وتجنب أسباب الذلة المنافية للدين واجبان على كل مؤمن.

وقد توعد على ذلك بإنزال البلاء، وهو لا يكون إلا لذنب شديد، وجعل الفاعل لذلك بمنزلة الخارج من الدين المرتد على عقبه، وصرحت عائشة بأنه من المحبطات للجهاد مع رسول الله كما في الحديث السالف، وذلك إنما هو شأن الكبائر.

[[الباب الثاني عشر] باب ما جاء في الشبهات]

٣١/ ٢٢٦٧ - (عَنِ النُّعْمانِ بْنِ بَشيرٍ أن النَّبيَّ قالَ: "الحَلالُ بَيِّن والحَرَامُ بيِّن وبَيْنَهُما أُمورٌ مُشْتَبِهَةٌ، فَمَن تَرَكَ ما يَشْتَبِهُ عَلَيهِ مِنَ الإثْمِ كان لِما اسْتبَانَ أَتْرَكَ، ومَنِ اجْتَرَأَ على ما يَشُكُّ فِيهِ مِنَ الإثْمِ أوْشَكَ أنْ يُواقِعَ ما استَبَانَ، وَالمَعاصِي حِمَى الله، مَنْ يَرْتَعْ حَوْلَ الحِمى يوشِكُ أنْ يُواقِعَهُ". متفَقٌ عَلَيهِ) (٢). [صحيح]


(١) انظر: "إرشاد الفحول" (ص ٨١٠ - ٨١٢) الفائدة الخامسة: دلالة الاقتران.
(٢) أحمد في المسند (٤/ ٢٦٧، ٢٧٠، ٢٧١، ٢٧٤) والبخاري رقم (٢٠٥١) ومسلم رقم (١٠٧/ ١٥٩٩). =

<<  <  ج: ص:  >  >>