للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا الحديث والذي قبله يدلَّان على قوة تفسير الميثرة بجلود السباع.

[[حكمة النهي عن جلود السباع]]

وأحاديث الباب استدل بها المصنف رحمه الله تعالى على أن جلود السباع لا يجوز الانتفاع بها. وقد اختلف في حكمة النهي، فقال البيهقي (١): "يحتمل أن النهي وقع لما يبقى عليها من الشعر لأن الدباغ لا يؤثر فيه". وقال غيره: يحتمل أن النهي عمَّا لم يدبغ منها لأجل النجاسة أو أن النهي لأجل أنها مراكب أهل السرف والخُيلاء، وأما الاستدلال بأحاديث الباب على أن الدباغ لا يطهر جلود السباع بناء على أنها مخصصة للأحاديث القاضية بأن الدباغ مطهر على العموم فغير ظاهر، لأن غاية ما فيها مجرد النهي عن الركوب عليها وافتراشها ولا ملازمة بين ذلك وبين النجاسة كما لا ملازمة بين النهي عن الذهب والحرير ونجاستهما، فلا معارضة، بل يحكم بالطهارة بالدباغ مع منع الركوب عليها ونحوه، مع أنه يمكن أن يقال: إن أحاديث هذا الباب أعم من أحاديث الباب الذي بعده من وجه لشمولها لما كان مدبوغًا، من جلود السباع، وما كان غير مدبوغ.

قال المصنف (٢) : "وهذه النصوص تمنع استعمال جلد ما لا يؤكل لحمه في اليابسات، وتمنع بعمومها طهارته بذكاة أو دباغ"، انتهى.

[[الباب الثالث عشر] باب ما جاء في تطهير الدباغ]

٣٧/ ٥٥ - (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قالَ: تُصُدِّقَ على مَوْلاةٍ لِمَيْمُونَةَ بِشاةٍ فَمَاتت فَمرَّ بِها رَسولُ الله فقالَ: "هَلَّا أخذْتُمْ إهابَها فَدَبَغْتُموهُ فَانْتَفَعْتُمْ بِهِ؟ " فَقالُوا:


= ومنها: ما أخرجه البخاري رقم (٥٩٦٠): عن ابن عمر قال: وعد جبريل النبي ، فراثَ عليه، حتى اشتدَّ على النبي ، فخرج النبيُّ فلقيه، فشكا إليه ما وجدَ، فقال له: إنا لا ندخلُ بيتًا فيه صورة ولا كلب".
راث: بالثاء المثلثة غير مهموز: أي أبطأ.
(١) في كتابه "معرفة السنن والآثار" (١/ ٢٤٨ رقم ٥٤٨).
(٢) أي: ابن تيمية الجد في "المنتقى" (١/ ٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>