للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأكابرِ بمذهبِهِ من التعصُّباتِ التي لا مستنَدَ لها إلا مجرَّدُ الهوى والعصبيةِ، وقد كثُرَ هذا الجنْسُ في أهلِ المذاهبِ، وما أدري ما هوَ البرهانُ الذي قامَ لهؤلاءِ المحققينَ حتى أخرجُوهُ من دائرةِ علماءِ المسلمينِ، فإنْ كانَ لِمَا وقعَ منهُ مِنَ المقالاتِ المستبعدَةِ فهي بالنسبةِ إلى مقالاتِ غيرهِ المؤسَّسَةِ على محضِ الرأي المضادَّةِ لصريحِ الروايةِ في حيِّزِ القِلَّةِ المتبالغةِ، فإنَّ التعويلَ على الرأي وعدمَ الاعتناءِ بعلم الأدلَّةِ قد أفضى بقومٍ إلى التمذهُبِ بمذاهبَ لا يوافِقُ الشريعةَ منها إلا القليلُ النادرُ، وأمَّا داودُ فما في مذهبِهِ من البدَع التي أوقعَهُ فيها تمسُّكُه بالظاهِرِ، وجمودُهُ عليه هي في غايةِ النُدْرةِ، ولكنْ:

لِهوى النفوسِ سريرةٌ لا تُعْلَمُ

[[الأوقات التي يستحب فيها السواك]]

قالَ النوويُّ (١): "والسِّواكُ مستحبٌ في جميعِ الأوقاتِ، لكنْ في خمسةِ أوقاتٍ أشدُّ استحبابًا، (أحدُها): عندَ الصلاةِ سواءٌ كانَ متطهِّرًا بماءٍ أَو بترابٍ أَو غيرِ متطهرٍ كمنْ لم يجد ماءً ولا تُرابًا. (الثاني): عند الوضوءِ. (الثالث): عندَ قراءَةِ القرآنِ. (الرابع): عندَ الاستيقاظِ من النومِ. (الخامسُ): عندَ تغيُّرِ الفَم، وتغيرهُ يكونُ بأشياءَ منها تركُ الأكلِ والشُّربِ، ومنها أَكلُ ما له رائحةٌ كريهةٌ، ومنها طولُ السُّكوتِ، ومنها كثرةُ الكلامِ".

وقد قامتِ الأدلةُ على استحبابهِ في جميعِ هذه الحالاتِ التي ذكر. وسيأتي ذكرُ بعضِها في هذا البابِ.


= وداود أول من أظهر انتحال الظاهر ونفى القياس في الأحكام قولًا، واضطر إليه فعلًا، فسمَّاه الدليل. وكذلك لم يأخذ بالرأي ولا بالاستحسان.
ولد في الكوفة سنة (٢٠٠ هـ) وتوفي سنة (٢٧٠ هـ) في بغداد.
قال الخطيب البغدادي فيه: هو إمام أصحاب الظاهر، وكان ورعًا وناسكًا زاهدًا، وفي كتبه حديث كثير.
ونقل عن أبي زرعة أنه كان يجله ويُكْبره، فقد قال لأصحابه يومًا: ترى داود هذا؟ لو اقتصر على ما يقتصر عليه أهل العلم لظننت أَنه يكمد أهل البدع بما عنده من البيان والأدلة.
وقال السيوطي: كان - داود - بصيرًا بالحديث صحيحه وسقيمه، إمامًا، ورعًا، زاهدًا.
[تاريخ بغداد (٨/ ٣٦٩ - ٣٧٥) وشذرات الذهب (٢/ ١٥٨) ولسان الميزان (٢/ ٢٤٠) "تهذيب الأسماء واللغات" (١/ ١٨٢) والنجوم الزاهرة (٣/ ٤٧)].
(١) في شرحه لصحيح مسلم (٣/ ١٤٢ - ١٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>