للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المبحث الرابع تولّيه القضاءَ

في عام ١٢٠٩ من هجرة المصطفى توفي كبيرُ قضاةِ اليمنِ القاضي يحيى بنُ صالحِ الشجريُّ السَّحوليُّ، وكان مرجِعَ العامّةِ والخاصّةِ وعليه المعولُ في الرأي والأحكامِ ومستشارَ الإمامِ والوزارة (١).

قال الشوكاني (٢): "وكنتُ إذ ذاك مشتغلًا بالتدريس في علوم الاجتهاد، والإفتاءِ والتصنيفِ، منجمعًا عن الناس لا سيما أهلُ الأمرِ وأربابُ الدولة، فإني لا أتصل بأحد منهم كائنًا من كان ولم يكن لي رغبةٌ في سوى العلوم … فلم أشعرُ إلا بطُلّاب لي من الخليفة بعد موتِ القاضي المذكورِ بنحو أسبوعٍ، فذهبت إلى مقامه العالي فذكر لي أنه قد رجح قيامي مقامَ القاضي المذكور، فاعتذرتُ له، بما كنتُ فيه من الاشتغال بالعلم، فقال: القيامُ بالأمرين ممكنٌ وليس المرادُ إلا القيامَ بفصل ما يصل من الخصومات إلى ديوانه العالي في يومي اجتماعِ الحكامِ فيه، فقلت: سيقع مني الاستخارةُ لله والاستشارةُ لأهل الفضل، وما اختاره اللَّهُ ففيه الخَير، فلما فارقتُه ما زلت متردّدًا نحوَ أسبوع، ولكنه وقد إليّ غالبُ من ينتسب إلى العلم في مدينة صنعاءَ وأجمعوا على أن الإجابةَ واجبةٌ، وأنهم يخشَون أن يدخُلَ في هذا المنصِبِ الذي إليه مرجعُ الأحكامِ الشرعيةِ في جميع الأقطارِ اليمنيةِ من لا يوثَق بدينه وعلمِه، .. فقبِلْتُ مستعينًا بالله ومتكلًا عليه … وأسأل اللَّهَ بحوله وطَوله أن يُرشِدني إلى مراضيه، ويحولَ بيني وبين معاصيه ويُيسِّرَ لي الخيرَ حيث كان، ويدفعَ عني الشرَّ، ويُقيمني في مُقام العدْل ويختارَ لي ما فيه الخيرُ في الدين والدنيا" اهـ.

قلت: وربما أن الشوكانيَّ رأى في منصب القضاءِ فرصةً لنشر السنةِ وإماتةِ البِدعة، والدعوة إلى طريق السلف الصالح …


(١) البدر الطالع (٢/ ٣٣٤).
(٢) في البدر الطالع (١/ ٤٦٤ - ٤٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>