للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[[ما يستفاد من حديث أبي هريرة]]

والحديثُ يدلُّ على أن السواكَ غيرُ واجبٍ، وعلى شرعيتِهِ عندَ الوضوءِ، وعندَ الصلاةِ لأنهُ إذا ذهبَ الوجوبُ بقيَ الندبُ كما تقدَّم. وعلى أن الأمرَ للوجوبِ، لأنَّ كلمةَ لولا تدلُّ على انتفاءِ الشيءِ لوجودِ غيره فيدلُّ على انتفاءِ الأمْرِ لوجودِ المشقةِ والمنفيُّ لأجلِ المشقةِ، إنما هوَ الوجوبُ لا الاستحبابُ، فإن استحبابَ السواكِ ثابتٌ عندَ كلِّ صلاةٍ فيقتضي ذلكَ أن الأمرَ للوجوبِ، وفيهِ خلافٌ في الأصولِ على أقوالٍ.

ويدلُّ الحديثُ أيضًا على أن المندوبَ غيرُ مأمورٍ به لمثلِ ما ذكرناهُ، وفيه أيضًا خلافٌ في الأصولِ مشهورٌ.

ويدلُّ أيضًا على أن للنبيِّ أن يحكمَ بالاجتهادِ ولا يتوقفُ حكْمُهُ على النصِّ لجعلهِ المشقةَ سببًا لعدمِ الأمر منهُ، ولو كانَ الأمرُ موقوفًا على النصِّ لكانَ سببُ [عدمِ] (١) الأمرِ منهُ عدمَ النصِّ لا مجرد المشقةِ، وفيه احتمالٌ للبحثِ والتأويلِ (٢)، كما قاله ابنُ دقيقِ العيدِ (٣). وهو أيضًا يدلُّ بعمومهِ على استحبابِ السواكِ للصائمِ بعدَ الزوالِ، لأن الصلاتينِ الواقعتينِ بعدَهُ داخلتانِ تحتَ عمومِ الصلاةِ، فلا تتم دعوى الكراهةِ إلا بدليلٍ يخصِّصُ هذا العمومَ وسيأتي الكلامُ على ذلكَ.

٤/ ١٢١ - (وعَنِ المِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ أَبيهِ قالَ: قُلت لِعائشةَ : بأيِّ شَيْءٍ كانَ يَبْدأُ النَّبيُّ إذا دَخَلَ بَيْتَهُ؟ قالتْ: بِالسِّواكِ. رَواهُ الجمَاعَةُ إلا البُخارِيَّ والتِّرْمذِيَّ) (٤). [صحيح]


(١) زيادة من (أ) و (ب).
(٢) وجه البحث أنه يجوز أن يكون إخبارًا منه بأن سبب عدم ورود النص وجود المشقة فيكون معنى قوله : "لأمرتهم" أي عن الله بأنه واجب بدليل قوله: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣)﴾ [النجم: ٣] فلا يكون فيه دليل على الاجتهاد.
(٣) في "إحكام الأحكام" (١/ ٦٦).
(٤) أخرجه أحمد (٦/ ٤١، ٤٢، ١١٠، ١٨٢، ١٨٨، ٢٣٧) ومسلم (١/ ٢٢٠ رقم ٢٥٣).
وأبو داود (١/ ٤٤ رقم ٥١) والنسائي (١/ ١٣) وابن ماجه (١/ ١٠٦ رقم ٢٩٠).
قلت: وأخرجه أبو عوانة (١/ ١٩٢) وابن خزيمة في صحيحه رقم (١٣٤) وابن أبي شيبة في "المصنف" (١/ ١٦٨) والبيهقي في السنن الكبرى (١/ ٣٤) والبغوي في شرح السنة رقم (٢٠١) من طرق …

<<  <  ج: ص:  >  >>