للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولِأَحمَدَ (١) وَأَبِي دَاودَ (٢): "لا يَبُولنَّ أحَدُكُمْ في الماءِ الدَّائِم، وَلا يَغْتَسِلْ فِيهِ مِنْ جَنابَةٍ"). [صحيح]

قوله: ([في] (٣) الماء الدائم) هو الساكن، قال في الفتح (٤): "يقال: دوّم الطائر تدويمًا إذا صف جناحيه في الهواء فلم يحركهما". والرواية الأولى من حديث الباب تدل على المنع من الاغتسال في الماء الدائم للجنابة وإن لم يبل فيه، والرواية الثانية تدل على المنع من كل واحد من البول والاغتسال فيه على انفراده، وسيأتي في باب حكم الماء إذا لاقته نجاسة (٥)، حديث أبي هريرة (٦) هذا بلفظ: ""ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ". ويأتي البحث عن حكم البول في الماء الدائم والاغتسال فيه هنالك.

[[الكلام في الماء المستعمل]]

وقد استدل بالنهي عن الاغتسال في الماء الدائم على أن الماء المستعمل يخرج عن كونه أهلًا للتطهير، لأن النهي ههنا عن مجرد الغسل فدل على وقوع المفسدة بمجرده، وحكم الوضوء حكم الغسل في هذا الحكم لأن المقصود التنزه عن التقرب إلى الله تعالى بالمستقذرات، والوضوء يقذر الماء كما يقذره الغسل.

وقد ذهب إلى أن الماء المستعمل غير مطهر أكثر العترة وأحمد بن حنبل والليث والأوزاعي، والشافعي ومالك في إحدى الروايتين عنهما وأبو حنيفة في رواية عنه (٧)، واحتجوا بهذا الحديث، وبحديث النهي عن التوضؤ بفضل وضوء المرأة (٨)، واحتج لهم في البحر (٩) بما روي عن السلف من تكميل الطهارة بالتيمم عند قلة الماء لا بما تساقط منه.


(١) في المسند (٢/ ٣١٦).
(٢) في السنن (رقم ٧٠) وهو حديث صحيح.
(٣) زيادة من (جـ).
(٤) في "فتح الباري" (١/ ٣٤٦).
(٥) الباب السادس: باب حكم الماء إذا لاقته النجاسة. من كتابنا هذا.
(٦) رقم (١٥/ ١٥) من كتابنا هذا.
(٧) انظر: "البحر الزخار" (١/ ٣٤ - ٣٥).
و"بداية المجتهد ونهاية المقتصد" لابن رشد بتحقيقنا. (١/ ٧٩).
(٨) سيأتي تخريجه في كتابنا هذا رقم (٩/ ٩).
(٩) "البحر الزخار" (١/ ٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>