للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٨/ ٣٨٠٥ - (عَنْ أنَسٍ قالَ: أهْدَتْ بَرِيْرَةُ إلى رَسُولِ الله لَحْمًا تُصُدِّقَ بِهِ عَلَيْها، فَقالَ: "هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ وَلنا هَدِيَّةٌ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهما) (١). [صحيح]

قد تقدم الكلام على معنى الحديثين في كتاب الزكاة (٢)، والمقصود من إيرادهما ههنا: أن الحالف بأنه لا يهدي لا يحنث إذا تصدق، لأنَّ النبيّ كان يسأل عن الطعام الذي يقرّب إليه: هل هو صدقة أو هدية؟ وكذلك قال في لحم بريرة: "هو لها صدقة ولنا هدية" كما في حديث الباب.

فدلّ ذلك على تغاير مفهومي الهدية والصدقة، فإذا حلف من إحداهما لم يحنث بالأخرى كسائر المفهومات المتغايرة.

قال ابن بطال (٣): إنما كان النبيّ لا يأكل الصدقة لأنها أوساخ الناس، ولأن أخذ الصدقة منزلة ضِعَةٍ، والأنبياء منزّهون عن ذلك؛ لأنه كان كما وصفه الله: ﴿وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى﴾ (٤) والصدقة لا تحلُّ للأغنياء، وهذا بخلاف الهدية، فإنَّ العادة جارية بالإثابة عليها، وكذلك كان شأنه.

وفي حديث أنس دليل: على أن الصدقة إذا قبضها من يحلّ له أخذها ثم تصرّف فيها زال عنها حكم الصدقة وجاز لمن حرمت عليه الصدقة أن يتناول منها إذا أهديت له، أو بيعت.

[الباب الرابع] بابُ مَنْ حَلَفَ لا يَأْكُل إِدَامًا بِمَاذَا يَحْنَث

٩/ ٣٨٠٦ - (عَنْ جابِرٍ عَنِ النَّبِيّ قالَ: "نِعْمَ [الإدَامُ] (٥) الخَلّ"، رَوَاهُ الجَماعَةُ إلَّا البُخارِيَّ (٦). [صحيح]


(١) أحمد في المسند (٣/ ١٣٠) والبخاري رقم (١٤٩٥) ومسلم رقم (١٧٠/ ١٠٧٤).
وهو حديث صحيح.
(٢) "نيل الأوطار" (٨/ ١٨٦ - ١٨٨) من كتابنا هذا.
(٣) في شرحه لصحيح البخاري (٣/ ٥٤١).
(٤) سورة الضحى، الآية: (٨).
(٥) في المخطوط (أ): "الأدْم" والمثبت من (ب) ومصادر التخريج.
(٦) أحمد في المسند (٣/ ٣٠١) ومسلم رقم (١٦٦/ ٢٠٥٢) وأبو داود رقم (٣٨٢٠) والترمذي =

<<  <  ج: ص:  >  >>