للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

للحصر، وعلى تسليمِ أنهُ لا يخصص بالسببِ ولا يقصُرُ الخطابُ العامُّ عليهِ، فمفهومُ الحصرِ المفيدُ لنفي الطهوريةِ عن غيرِ مائه عمومٌ مخصصٌ بالمنطوقاتِ الصحيحةِ الصريحة القاضية باتصاف غيرهِ بها.

قوله: (الحلُّ ميتتهُ) فيه دليلٌ على حِلِّ جميعِ حيواناتِ البحرِ حتى كلبِهِ وخنزيرِهِ وثعبانِهِ وهو المصححُ عندَ الشافعيةِ، وفيه خلافٌ سيأتي في موضعه.

[[بعض فوائد الحديث]]

ومن فوائدِ الحديثِ مشروعيةُ الزيادةِ في الجوابِ على سؤالِ السائلِ لقصد الفائدةِ وعدمِ لزوم الاقتصار، وقد عقد البخاري (١) لذلك بابًا فقال: (باب مَنْ أجابَ السائلَ بأكثرَ مِمَّا سَأَله)، وذكر حديث ابن عمر (٢): "أن رَجُلًا سَأل النبيَّ ما يَلْبَسُ المحرِمُ؟ فقالَ: لا يلبسُ القميصَ ولا العِمامَةَ ولا السراوِيلَ ولا البُرْنُسَ ولا ثَوْبًا مَسَّهُ الوَرْسُ أو الزَّعْفَرانُ، فإنْ لم يجِدِ النَّعْلَينِ فلْيَلْبَس الخُفَّينِ ولْيَقْطَعْهُما حتى يَكونا تحتَ الكَعْبَين" فكأنه سألَهُ عَنْ حالةِ الاختيارِ فأجابه عنها وزادَ حالةَ الاضطرارِ، وليست أجنبية عن السؤالِ؛ لأنَّ حالةَ السفرِ تقتضي ذلكَ.

قال الخطابي (٣): "وفي حديثِ البابِ دليلٌ على أن المفتي إذا سُئلَ عن شيءٍ وعَلم أنَّ بالسائلِ حاجة إلى ذكرِ ما يتصلُ بمسألته استُحِبَّ تعليمُه إياهُ، ولم يكن ذلكَ تكلفًا لما لا يَعْنِيْهِ؛ لأنهُ ذكرَ الطعامَ وهم سألوهُ عن الماءِ لعْلمِه أنهم قد يُعْوزهُم الزادُ في البحرِ" انتهى.

وأما ما وقعَ في كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصُوليين أن الجوابَ يجبُ أن يكونَ مطابقًا للسؤالِ، فليسَ المرادُ بالمطابقةِ عدمَ الزيادةِ، بلِ المرادُ أن الجوابَ يكونُ مفيدًا للحُكْم المسؤولِ عنهُ.

وللحديثِ فوائدُ غيرُ ما تقدم، قالَ ابنُ الملقن (٤): "إنهُ حديثٌ عظيمٌ، أصلٌ


(١) في صحيحه (١/ ٢٣١ رقم الباب ٥٣).
(٢) حديث ابن عمر أخرجه البخاري (١/ ٢٣١ رقم ١٣٤) ومسلم (٢/ ٨٣٤ رقم ١/ ١١٧٧) وأبو داود (٢/ ٤١١ رقم ١٨٢٤) والترمذي (٣/ ١٩٤ رقم ٨٣٣) والنسائي (٥/ ١٣١ - ١٣٢) وابن ماجه (٢/ ٩٧٧ رقم ٢٩٢٩) ومالك (١/ ٣٢٤ - ٣٢٥ رقم ٨).
(٣) في "معالم السنن" (١/ ٦٤ - هامش السنن) ط: دار الحديث - بيروت.
(٤) في "البدر المنير" (٢/ ٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>