للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد جعل المصنف رحمه الله تعالى هذا الحديث قوي الدلالة على فضيلة الفطر لقوله : "فمن أخذ بها فحسن، ومن أحب أن يصوم فلا جناح".

فأثبت للأخذ بالرخصة الحسن، وهو أرفع من رفع الجناح.

وأجاب الجمهور (١): بأن هذا فيمن يخاف ضررًا أو يجد مشقة كما هو صريح في الأحاديث، وقد أسلفنا تحقيق ذلك.

قوله: (إنكم قد دنوتم من عدوكم والفطر أقوى لكم)، فيه دليل على أن الفطر لمن وصل في سفره إلى موضع قريب من العدو أولى؟ لأنه ربما وصل إليهم العدو إلى ذلك الموضع الذي هو مظنة ملاقاة العدو، ولهذا كان الإفطار أولى ولم يتحتم.

وأما إذا كان لقاء العدو متحققًا فالإفطار عزيمة؛ لأن الصائم يضعف عن منازلة الأقران ولا سيما عند غليان مراجل الضراب والطعان، ولا يخفى ما في ذلك من الإهانة لجنود المحقين وإدخال الوهن على عامة المجاهدين من المسلمين.

فائدة: المسافة التي يباح الإفطار فيها هي المسافة التي يباح القصر فيها، والخلاف هنا كالخلاف هنالك، وقد قدمنا تحقيق ذلك في باب القصر فليرجع إليه.

[[الباب الثاني] باب من شرع في الصوم ثم أفطر في يومه ذلك]

٩/ ١٦٨٥ - (وَعَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ الله خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الغَمِيمِ وَصَامَ النَّاسُ مَعَهُ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ النَّاسَ قَدْ شَقَّ عَلَيْهِم الصِّيَامُ، وَإِنَ النَّاسَ يَنْظُرُونَ فِيمَا فَعَلْتَ، فَدَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ بَعْدَ الْعَصْرِ فَشَرِبَ وَالنَّاس يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، فَأَفْطَرَ بَعْضُهُمْ وَصَامَ بَعْضُهُمْ، فَبَلَغَهُ أَنَّ ناسًا صَامُوا فَقَالَ:


(١) المغني (٤/ ٤٠٨ - ٤٠٩) والمجموع (٦/ ٢٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>