والأم (٤/ ٤٧٩ - ٤٨١). (٢) وإليك شروط الحوالة كما قالها القرطبي في "المفهم" (٤/ ٤٣٩ - ٤٤٠): " .... ولها شروط: (فمنها): أن تكون بدينٍ، فإن لم تكن بدينٍ لم تكن حوالة، لاستحالة حقيقتها إذ ذاك، وإنما تكونُ حمالة. (ومنها): رضا المحيل والمحال دون المحال عليه، وهو قول الجمهور، خلافًا للإصطخري؛ فإنَّه اعتبره. وإطلاق الحديث حجَّةٌ عليه. وقد اعتبره مالكٌ إن قصد المحيل بذلك الإضرار بالمحال عليه. وهذا من باب دفع الضرر. (ومنها): أن يكون الدَّينُ المحال به حالًّا، لقوله ﷺ: "مطل الغني ظلمًا. ولا يصحُّ المطل، ولا يصدق الظلم إلا في حقِّ مَنْ وجبَ عليه الأداء، فيمطل. ثم قال بعده: "فإذا أتبع أحدكم فليتَّبع"، فأفاد ذلك: أن الدَّينَ المحالَ به لا بُدَّ أن يكون حالًّا، لأنه إن لم يكنْ حالًّا كَثُرَ الغَرَرُ بتأجيل الدينين. (ومنها): أن يكون الدينُ المحالُ عليه من جنس المحال به، لأنه إن خالفه في نوعه خرجَ من باب المعروف إلى باب المبايعة، والمكايسة، فيكون بيعُ الدَّين بالدَّين المنهيِّ عنه. فإذا كملت شروطها برئت ذمةُ المحيل بانتقال الحقّ الذي كان عليه إلى ذمة المحال عليه. فلا يكون للمحال الرُّجوع على المحيل، وإن أفلس المحال عليه، أو مات. وهذا قول الجمهور. وقد ذهب أبو حنيفة إلى رجوعه عليه، إن تعذر أخذه الدين من المحال عليه. والأول الصحيح؛ لأنَّ الحوالة عقدُ معاوضة، فلا يرجع بطلب أحد العوضين بعد التسليم، كسائر عقود المعاوضات، ولأن ذمة المحيل قد برئت من الحقِّ المحال به بنفس الحوالة، فلا تعود مشتغلةً به إلا بعقدٍ آخر، ولا عقد، فلا شغل. غير أن مالكًا قال: إن غرَّ المحيل المحال بذمَّة المحال عليه كان له الرُّجوع على المحيل. وهذا لا ينبغي أن يختلفَ فيه، لوضوحه" اهـ.