للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وذهبت الهادوية (١): إلى أن التقييد بالمشيئة يعتبر فيه مشيئة الله في تلك الحال، باعتبار ما يظهر من الشريعة، فإن كان ذلك الأمر الذي حلف على تركه وقيد الحلف بالمشيئة محبوبًا لله فعله لم يحنث بالفعل، وإن كان محبوبًا لله تركه لم يحنث بالترك، فإذا قال: والله ليتصدقنّ إن شاء الله حنث بترك الصدقة؛ لأن الله يشاء التصدق في الحال، وإن حلف ليقطعنّ رحمه إن شاء الله لم يحنث بترك القطع؛ لأن الله يشاء ذلك الترك.

وقال المؤيد (٢) بالله: معنى التقيد بالمشيئة، بقاء الحالف في الحياة وقتًا يمكنه الفعل، فإذا بقي ذلك القدر حنث الحالف على الفعل بالترك، وحنث الحالف على الترك بالفعل.

والظاهر من أحاديث الباب: أن التقييد إنما يفيد إذا وقع بالقول كما ذهب إليه الجمهور (٣) لا بمجرَّد النية؛ إلا ما زعمه بعض المالكية عن مالك: أن قياس قوله صحة استثناء بالنية (٤) وعند الهادوية (١) في ذلك تفصيل معروف.

وقد بوّب البخاري (٥) على ذلك فقال: باب النية في الأيمان.

قوله: (ثم سكت ثم قال: إن شاء الله) لم يقيد هذا السكوت بالعذر، بل ظاهره السكوت اختيارًا، لا اضطرارًا، فيدل على جواز ذلك.

[الباب الثالث] بابُ مَنْ حَلَفَ لا يهدي هَدِيَّةً فتصدَّقَ

٧/ ٣٨٠٤ - (عَنْ أبي هُرَيْرَةَ قالَ كانَ رَسُولُ الله إذَا أُتِيَ بِطَعامٍ سأل عَنْهُ أهَدِيَّةٌ أمْ صَدَقَةٌ؟ فإنْ قِيلَ: صَدَقَةٌ قال لأصحابِهِ: "كُلُو" ولَمْ يأكُلْ؛ وَإنْ قِيلَ: هَدِيَّةٌ ضَرَبَ بِيَدِهِ وأكَلَ مَعَهُمْ) (٦). [صحيح]


(١) البحر الزخار (٤/ ٢٤١ - ٢٤٢) واللمعة الدمشقية (٣/ ٥٣ - ٥٤).
(٢) البحر الزخار (٤/ ٢٤٢).
(٣) المغني (١٣/ ٤٨٥).
(٤) عند المالكية هذا من شروط الاستثناء كما في "مدونة الفقه المالكي وأدلته" (٢/ ٣٥٨).
(٥) في صحيحه (١١/ ٥٧١ رقم الباب (٢٣) - مع الفتح).
(٦) أحمد في المسند (٢/ ٣٠٢) والبخاري رقم (٢٥٧٦) ومسلم رقم (١٧٥/ ١٠٧٧).
وهو حديث صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>