للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والحديثُ يدلُّ على ثبوتِ الاستنجاءِ بالماءِ، وقد أنكرَهُ مالكٌ (١) وأنكرَ أنْ يكونَ النبيُّ استنجى بالماءِ.

وقد روى ابنُ أبي شيبةَ (٢) بأسانيدَ صحيحةٍ عن حذيفةَ بن اليمانِ أنهُ سُئِلَ عن الاستنجاءِ بالماءِ فقالَ: إذًا لا يزالُ في يدي نتنٌ.

وعن نافعٍ أن ابنَ عمرَ كانَ لا يستنجي بالماءِ (٣).

وعن ابن الزبيرِ قالَ: ما كُنَّا نفعلُه (٤).

وذكرَ ابنُ دقيقِ العيدِ (٥): "أن سعيدَ بنَ المسيبِ سُئِلَ عن الاستنجاءِ بالماءِ فقالَ: إنما ذلكَ وضُوءُ النِّساءِ. قالَ: وعنْ غيرِهِ من السلفِ ما يُشعِرُ بذلكَ. والسنةُ دلَّتْ على الاستنجاءِ بالماءِ في هذا الحديثِ وغيرِه، فهي أوْلَى بالاتِّباعِ، قالَ: ولعلَّ سعيدًا فَهِمَ مِنْ أحدٍ غلُوًّا في هذا البابِ بحيثُ يمنعُ الاستنجاءَ بالأحجارِ، فقصدَ في مقابلتِهِ أنْ يذكُرَ هذا اللفظَ لإِزالةِ ذلكَ الغُلُوِّ، وبالغَ بإيرادِهِ إياهُ على هذهِ الصيغةِ. وقد ذهبَ بعضٌ مِنْ أصحابِ مالكٍ إلى أن الاستجمارَ بالحجارَةِ إنما هو عندَ عدمِ الماءِ، وإذَا ذهبَ إليهِ بعضُ الفقهاءِ فلا يَبعُدُ أن يقعَ لغيرِهم ممنْ في زمانِ سعيدٍ " انتهى.

[[الكلام في الاكتفاء بالأحجار]]

وقدِ اختلفَ العلماءُ في الاكتفاءِ بالأحجارِ وعدمِ تعيُّنِ الماءِ، فذهبتِ


(١) بل قال مالك في "المدونة" (١/ ٧ - ٨): "وقال مالك: لا يستنجي من الريح ولكن إن بال أو تغوَّط فليغسل مخرج الأذى وحده فقط، إن بال فمخرج البول الإحليل، وإن تغوَّط فمخرج الأذى فقط … " اهـ.
قلت: وانظر: "قوانين الأحكام الشرعية ومسائل الفروع الفقهية" ص ٥١ لابن جُزيّ.
و"حاشية الدسوقي على الشرح الكبير" (١/ ١٨٤). و"بُلغة السالك لأقرب المسالك" (١/ ٦٨).
(٢) في "المصنف" (١/ ١٥٤) بسند صحيح.
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (١/ ١٥٥).
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (١/ ١٥٤).
(٥) في "إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام" (١/ ٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>