للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشافعيةُ (١) والحنفيةُ (٢) إلى عدمِ وجوبِ الماءِ وأنَّ الأحجارَ تَكفي إلَّا إذا تعدَّتِ النجاسةُ الشرْجَ أي حلَقَةَ الدُّبُرِ، وقال بقولِهم سعدُ بنُ أبي وقاصٍ، وابنُ الزبيرِ، وابنُ المسيبِ وعطاءٌ (٣)، واستدلُّوا بحديثِ: "إذا ذهبَ أحدُكم إلى الغائِطِ فليستَطِب بثلاثةِ أحجارٍ فإنها تجزئُ عنهُ" كما تقدم (٤)، وبنحوِهِ من أحاديثِ الاستطابةِ. وذهبتِ العترةُ والحسنُ البصريُّ، وابنُ أبي ليلى، والحسنُ بنُ صالح، وأبو على الجبائي إلى عدمِ الاجتزاءِ بالحجارةِ للصلاةِ ووجوبِ الماءِ وتعيُّنهِ (٥)، واحتجُّوا لذلكَ بقولهِ تعالى: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا﴾ (٦) وأُجِيبَ بأنَّ الآيةَ في الوضُوءِ، ولا شكَّ أن الماءَ متعينٌ له ولا يجزئُ التيممُ إلَّا عندَ عدمِهِ، وأما محلُّ النزاعِ فلا دلالةَ في الآيةِ عليهِ.

قالوا: حديثُ البابِ ونحوُه مصرِّحٌ بأن النبيَّ استنجى بالماءِ. قلنا: النزاعُ في تعيُّنهِ وعدمِ الاجتزاءِ بغيرهِ، ومجرَّدُ فِعْلِ النبيِّ لهُ لا يدلُّ على المطلوبِ، وإلَّا لزِمَكُم القولُ بتعيُّنِ الأحجارِ، لأن النبيَّ فعلَهُ وهو عكسُ مطلوبِكم. قالوا: أخرجَ أحَمدُ (٧) والترمذيُّ (٨) وصحَّحَهُ، والنسائيُّ (٩) من حديثِ عائشةَ أنَّها قالتْ للنساءِ: "مُرْنَ أزواجَكُنَّ أنْ يستطِيبُوا بالماءِ فإني أستَحييهِم، وإنَّ رسولَ اللَّهِ فعلَهُ"، قلنا: صرَّحَتْ بالمستنَدِ وهو مجرَّدُ فعلِ النبيِّ له، ولم تنقُلْ عنهُ الأمرَ بهِ ولا حصْرَ الاستطابةِ عليهِ.

قالوا: حديثُ قُباءَ وفيهِ الثناءُ عليهم لأنهم كانُوا يَستنْجُونَ بالماءِ كما سيأتي (١٠).


(١) انظر: "المهذب" (١/ ١١١). و"المجموع" (٢/ ١١٧ - ١١٨).
(٢) انظر: "تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق" (١/ ٧٦ - ٧٧).
(٣) حكاه عنهم النووي في "المجموع" (٢/ ١١٧). وابن قدامة في "المغني" (١/ ٢٠٧ - ٢٠٨).
(٤) وهو حديث حسن. تقدم برقم (٢٧/ ١٠١) من كتابنا هذا.
(٥) حكاه عنهم المهدي في "البحر الزخار" (١/ ٥١).
(٦) سورة المائدة: الآية ٦، ﴿فَتَيَمَّمُوا﴾ زيادة عما في المخطوط، يقتضيها السياق.
(٧) في المسند (٦/ ٩٣، ٩٥، ١١٣، ١١٤، ١٢٠، ١٣٠، ١٧١، ٢٣٦).
(٨) في السنن (١/ ٣٠ - ٣١ رقم ١٩) وقال: حديث حسن صحيح.
(٩) في السنن (١/ ٤٢ - ٤٣ رقم ٤٦).
قلت: وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (١/ ١٥٢) والبيهقي في السنن الكبرى (١/ ١٠٦) من طرق. وهو حديث صحيح. وقد صححه النووي في "المجموع" (١/ ١١٨).
(١٠) برقم (٤١/ ١١٥) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>