للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وما في رواية لأبي عوانة (١) ساق مسلم (٢) إسنادها أيضًا "إذا قام أحدكم للوضوء حين يصبح" لكن التعليل بقوله: "فإنه لا يدري أين باتت يده" يقضي بإلحاق نوم النهار بنوم الليل، وإنما خص نوم الليل بالذكر للغلبة.

قال النووي (٣): "وحكى عن أحمد في رواية أنه إن قام من نوم الليل كره له كراهة تحريم، وإن قام من نوم النهار كره له كراهة تنزيه. قال: ومذهبنا ومذهب المحققين أن هذا الحكم ليس مخصوصًا بالقيام من النوم بل المعتبر الشك في نجاسة اليد، فمتى شك في نجاستها كره له غمسها في الإِناء قبل غسلها سواء كان قام من نوم الليل أو النهار أو شك" انتهى.

[[اختلاف العلماء في إدخال اليد في الإناء عند الاستيقاظ]]

والحديث يدل على المنع من إدخال اليد إلى إناء الوضوء عند الاستيقاظ، وقد اختلف في ذلك، فالأمر عند الجمهور (٤) على الندب، وحمله أحمد (٥) على الوجوب في نوم الليل واعتذر الجمهور عن الوجوب بأن التعليل بأمر يقتضي الشك قرينة صارفة عن الوجوب إلى الندب، وقد دفع بأن التشكيك في العلة لا يستلزم التشكيك في الحكم وفيه أن قوله: "لا يدري أين باتت يده" ليس تشكيكًا في العلة بل تعليلًا بالشك وأنه يستلزم ما ذكر. ومن جملة ما اعتذر به الجمهور عن الوجوب حديث "أنه توضأ من الشن (٦) المعلق بعد قيامه من النوم ولم يُرْوَ أنه غسل يده" كما ثبت في حديث ابن عباس (٧) وتعقب بأن قوله: "أحدكم" يقتضي اختصاص الأمر بالغسل بغيره فلا يعارضه ما ذكر، ورد بأنه صح عنه غسل يديه قبل إدخالهما في الإِناء حال اليقظة فاستحبابه بعد النوم أولى،


(١) في مسنده رقم (٧٣٥).
(٢) في صحيحه رقم (١/ ٢٣٣ رقم ٢٧٨ عقب ٨٨).
(٣) في شرحه لصحيح مسلم (٣/ ١٨٠ - ١٨١).
(٤) انظر: "حلية العلماء" (١/ ١٣٦ - ١٣٧).
(٥) انظر: "الشرح الممتع على زاد المستقنع" لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين (١/ ١٣٧ - ١٣٨).
(٦) الشَنُّ: القربة. النهاية (٢/ ٥٠٦).
(٧) أخرجه البخاري رقم (١١٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>