للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويكون تركه لبيان الجواز. ومن الأعذار للجمهور أن التقييد بالثلاث في غير النجاسة العينية يدل على الندبية وهذه الأمور إذا ضمت إليها البراءة الأصلية لم يبق الحديث منتهضًا للوجوب ولا لتحريم الترك، ولا يصح الاحتجاج به على غسل اليدين قبل الوضوء، فإن هذا ورد في غسل النجاسة وذاك سنة أخرى.

ويدل على هذا ما ذكره الشافعي وغيره من العلماء أن السبب في الحديث أن أهل الحجاز كانوا يستنجون بالأحجار وبلادهم حارة فإذا نام أحدهم عرق فلا يأمن النائم أن تطوف يده على ذلك الموضع النجس أو على قذر غير ذلك، فإذا كان هذا سبب الحديث عرفت أن الاستدلال به على وجوب عسل اليدين قبل الوضوء ليس على ما ينبغي. فإن قلت: هذا قصر على السبب، وهو مذهب مرجوح. قلت: سلمنا عدم القصر على السبب فليس في الحديث إلا نهى المستيقظ عن نوم الليل أو مطلق النوم فهو أخص من الدعوى أعني: مشروعية غسل اليدين قبل الوضوء مطلقًا فلا يصح للاستدلال به على ذلك ونحن لا ننكر أن غسل اليدين قبل الوضوء من السنن الثابتة بالأحاديث الصحيحة كما في حديث عثمان الآتي (١) وغيره، وكما في الحديث الذي في أول الباب (٢) ولا منازعة في سنيته إنما النزاع في دعوى وجوبه والاستدلال عليها بحديث الاستيقاظ. وقد سبق ذكر الخلاف في ذلك في الحديث الذي قبل هذا (٣).

قوله: (فلا يدخل يده في الإناء) في رواية للبخاري (٤) "في وضوئه". وفي رواية لابن خزيمة (٥) "في إنائه أو وضوئه". والظاهر اختصاص ذلك بإناء الوضوء ويلحق به الغسل بجامع أن كل واحد منهما يراد التطهر به.

وخرج بذكر الإناء البرك والحياض التي لا تفسد بغمس اليد فيها على تقدير نجاستها فلا يتناولها النهي.


(١) برقم (٦/ ١٦٨) من كتابنا هذا.
(٢) الباب الثالث: باب استحباب غسل اليدين قبل المضمضة وتأكيده لنوم الليل ..
رقم الحديث (٣/ ١٦٥) من كتابنا هذا.
(٣) رقم (٤/ ١٦٦) ورقم (٥/ ١٦٧) من كتابنا هذا.
(٤) رقم (١٦٢).
(٥) رقم (١٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>