للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإطعامه وأصحابه للوفد من الكفار من دون غسل للآنية، ولا أمر به، ولم ينقل توقي رطوبات الكفار عن السلف الصالح ولو توقوها لشاع. قال ابن عبد السلام: ليس من التقشف أن يقول: أشتري من سمن المسلم لا من سمن الكافر؛ لأن الصحابة لم يلتفتوا إلى ذلك. وقد زعم المقبلي في المنار (١) "أن الاستدلال بالآية المذكورة على نجاسة الكافر وَهْمٌ لأنه حمل لكلام الله ورسوله على اصطلاح حادث. وبين النجس في اللغة والنجس في عرف المتشرعة: عموم، وخصوص من وجه، فالأعمال السيئة نجسة لغة، لا عُرفًا، والخمر نجس عرفًا، وهو أحد الأطيبين عند أهل اللغة، والعذرة نجس في العرفين فلا دليل في الآية" انتهى. ولا يخفاك أن مجرد تخالف اللغة والاصطلاح في هذه الأفراد لا يستلزم عدم صحة الاستدلال بالآية على المطلوب، والذي في كتب اللغة أن النجس ضد الطاهر، قال في القاموس (٢): النَّجسُ بالفتح وبالكسر وبالتحريك وككتِفٍ وعَضُدِ ضِدُّ الطاهِرِ" انتهى. فالذي ينبغي التعويل عليه في عدم صحة الاحتجاج بها هو ما عرَّفناك.

[[القول في نجاسة المسلم الميت]]

وحديث الباب أصل في طهارة المسلم حيًا وميتًا، أما الحي فإجماع، وأما الميت ففيه خلاف. فذهب أبو حنيفة ومالك ومن أهل البيت الهادي والقاسم والمؤيد بالله وأبو طالب إلى نجاسته، وذهب غيرهم إلى طهارته؛ واستدل صاحب البحر للأولين على النجاسة بنزح زمزم من الحبشي وهذا مع كونه من فعل ابن عباس، كما أخرجه الدارقطني (٣) عنه، وقول الصحابي وفعله لا ينتهض للاحتجاج


(١) "المنار في المختار" وهو جواهر البحر الزخار، حاشية العلامة صالح بن مهدي المقبلي على البحر الزخار" (١/ ١٤).
(٢) المحيط: ص ٧٤٣.
(٣) في "سننه" (١/ ٣٣ رقم ١).
قلت: وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (١/ ٢٦٦) وفى "معرفة السنن والآثار" (٢/ ٩٤ رقم ١٩٠٨).
عن محمد بن سيرين: "أن زنجيًا وقع في زمزم، يعني فمات، فأمر به ابن عباس ، فأخرج وأمر بها أن تنزح … ".
• وأخرج البيهقي في "معرفة السنن والآثار" (٢/ ٩٣ - ٩٤ رقم ١٩٠٥) من طريق ابن =

<<  <  ج: ص:  >  >>