للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بعد قول الصحابةِ: قومٌ أنجاسٌ. صريحٌ في نفي النجاسةِ الحسيةِ التي هي محلُّ النزاعِ، ودليلٌ على أن المرادَ نجاسةُ الاعتقادِ والاستقذارِ. وعن حديثِ أبي ثعلبةَ بأن الأمرَ بغسلِ الآنيةِ ليس لتلوثها برطوباتِهم بل لطبخِهمُ الخنزير وشربهِمُ الخمرَ فيها. يدلُّ على ذلك ما عندَ أحمدَ وأبي داودَ من حديثِ أبي ثعلبة أيضًا بلفظِ: إن أرضنا أرضُ أهل كتاب وإنهم يأكلون لحم الخنزير ويشربون الخمر فكيف نصنع بآنيتهم وقدورهم؟ وسيأتي (١).

ومن أجوبة الجمهور عن الآية ومفهوم حديث الباب بأن ذلك تنفير عن الكفار وإهانة لهم، وهذا وإن كان مجازًا فقرينته ما ثبت في الصحيحين (٢) من أنه تَوضَّأ من مزادة مشركةٍ، وربط ثمامة بن أثال وهو مشرك بسارية من سواري المسجد (٣)، وأكل من الشاة التي أهدتها له يهودية من خيبر (٤)، وأكل من الجبن المجلوب من بلاد النصارى كما أخرجه أحمد (٥) وأبو داود (٦) من حديث ابن عمر، وأكل من خبز الشعير والإِهالة لما دعاه إلى ذلك يهودي، وسيأتي في باب آنية الكفار (٧)، وما سلف من مباشرة الكتابيات، والإِجماع على جواز مباشرة المَسْبِيَّة قبل إسلامها، وتحليل طعام أهل الكتاب ونسائهم بآية المائدة (٨) وهي آخر ما نزل،


(١) رقم (١١/ ٧٣) من كتابنا هذا.
(٢) قال الألباني في "إرواء الغليل" (١/ ٧٢ رقم ٣٦):
"لم أجده. والمؤلف تبع فيه مجد الدين بن تيمية فإنه قال في "المنتقى" - (١/ ٤٤) -: "وقد صح عن النَّبيِّ الوضوء من مزادة مشركة" ومر عليه الشوكاني في "نيل الأوطار" - رقم (١٢/ ٧٤) من كتابنا هذا - فلم يخرجه ولم يتكلم عليه من حيث ثبوته ووروده بشيء! " اهـ.
وأنا أظن أن المجد يعني به حديث عمران بن حصين الطويل - أخرجه البخاري (١/ ٤٤٧ - ٤٤٨ رقم ٣٤٤) ومسلم (١/ ٤٧٤ رقم ٦٨٢) - الذي فيه استعماله لمزادة المشركة، وأمر أحد أصحابه أن يرفع الجنابة عنه من مائها.
(٣) أخرجه البخاري (٨/ ٨٧ رقم ٤٣٧٢) ومسلم (١٢/ ٨٧ - نووي).
(٤) أخرجه البخاري (١٠/ ٢٤٤ - ٢٤٥ رقم ٥٧٧٧) والبيهقي في دلائل النبوة (٤/ ٢٥٦ - ٢٦٤) وقد ذكر له طرقًا متعددة.
(٥) في المسند (١/ ٢٣٤، ٣٠٢).
(٦) في السنن رقم (٣٨١٩) بسند حسن.
(٧) رقم (١٢/ ٧٤) من كتابنا هذا.
(٨) سورة المائدة: الآية ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>