للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من طريق أنس وقال: غريب جدًّا، وذكر ابن منده في مستخرجه (١) أنه رواه عن النبي أكثر من عشرين نفسًا، قال الحافظ (٢): وقد تتبعها شيخنا أبو الفضل بن الحسين في النكت التي جمعها على ابن الصلاح (٣) وأظهر أنها في مطلق النية لا بهذا اللفظ.

وهذا الحديثُ قاعدةٌ من قواعد الإِسلام حتى قيلَ: إنه ثلثُ العلمِ. ووجههُ أن كَسْبَ العبدِ بقلبه وجوارِحِه ولسانِه. وعملُ القلب أرجحُها لأنه يكونُ عبادةَ بانفرادِهِ دونَ الآخرينَ.

[[الكلام في النية]]

قوله: (إنما الأعمالُ) هذا التركيبُ يفيدُ الحصرَ من جِهتين.

الأولى: (إنما)، فإنها. من صيغِ الحصرِ واختُلِفَ هل تفيدُه بالمنطوقِ أو بالمفهومِ، وبالوضعِ أو العُرفِ، وبالحقيقةِ أم بالمجاز؟ ومذهبُ المحققينَ أنها تفيدُه بالمنطوقِ وضعًا. حقيقيًا قالَ الحافظ: ونقله شيخنا شيخُ الإِسلام عن جميعِ أهلِ الأصولِ من المذاهبِ الأربعةِ إلا اليسيرَ كالآمدي، وعلى العكسِ من ذلكَ أَهل العربية وموضع البحث عن بقية أبحاث، إنما الأصول وعلم المعاني فليرجع إليهما.

الجهةُ الثانيةُ: الأعمالُ لأنه جمعٌ محلى باللامِ المفيدِ للاستغراقِ، وهو مستلزمٌ للقصر لأن معناهُ؛ كلُّ عملٍ بنيةٍ فلا عملَ إلا بنية. وهذا التركيبُ من المقتضى المعروفِ في الأصول وهو ما احتمل أحد تقديرات لاستقامة الكلام ولا عموم له عند المحققين فلا بد من دليل في تعيين أحدها، وقد اختلف الفقهاء في تقديره ههنا فمن جعل النية شرطًا قدر صحة الأعمال ومن لم يشترط قدر كمال الأعمال.


= (١/ ٥٥ - ٥٦) وانظر: "مختصر تاريخ دمشق" (٤/ ١٦٠ - ١٦١ ت ١٦٠).
(١) تقدم التعريف به (٢/ ١٣) من كتابنا هذا.
(٢) في "تلخيص الحبير" (١/ ٥٥).
(٣) أبو الفضل، عبد الرحمن بن الحسين العراقي، (ت ٨٠٦ هـ).
له نكت على ابن الصلاح، اسمه: "التقييد والإيضاح شرح مقدمة ابن الصلاح". وانظر صى ٢٦٣ - ٢٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>