للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال ابن دقيق العيد (١): "وقد رحج الأوَّل بأن الصحة أكثر لزومًا للحقيقة فالحمل عليها أولى لأن ما كان ألزم للشيء كان أقرب إلى خطوره بالبال" اهـ.

قال الحافظ (٢): وقد اتفق العلماء على أن النية شرط في المقاصد واختلفوا في الوسائل ومن ثم خالفت الحنفية في اشتراطها للوضوء. وقد نسب القول بفرضية النية المهدي في البحر (٣) إلى علي وسائر العترة والشافعي ومالك والليث وربيعة وأحمد بن حنبل وإسحق بن راهويه.

قوله: (بالنية) الباءُ للمصاحبةِ ويحتملُ أن تكونَ للسببيةِ بمعنى أنها مقومةٌ للعمل، فكأنها سببٌ في إيجادِهِ. قال النووي (٤): والنيةُ: القصدُ وهو عزيمةُ القلب، وتعقبهُ الكرمانيُّ (٥) بأن عزيمة القلب قدرٌ زائدٌ على أصلِ القصدِ. وقال البيضاوي (٦): "النيةُ عبارة عن انبعاثِ القلبِ نحو ما يراهُ موافقًا لغرضِ من جلْبِ نفعٍ أو دفعِ ضررٍ حالًا أو مالًا"، والشرع خصصه بالإِرادة المتوجهة نحو الفعل لابتغاء رضا الله وامتثال حكمه. والنية في الحديث محمولة على المعنى اللغوي ليصح تطبيقه على ما بعده وتقسيمه أحوال المهاجر فإنه تفصيل لما أجمل. والجار والمجرور متعلق بمحذوف هو ذلك المقدر أعنى الكمال أو الصحة أو الحصول أو الاستقرار. قال الطيبي (٧): "كلام الشارع محمول على بيان الشرع لأن المخاطبين بذلك هم أهل اللسان فكأنهم خوطبوا بما ليس لهم به علم إلا من قبل الشارع فيتعين الحمل على ما يفيد الحكم الشرعي".


(١) في "إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام" (١/ ١٠).
(٢) في "فتح الباري" (١/ ١٤).
(٣) البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار (١/ ٥٥).
(٤) في "بستان العارفين" (ص ١٣).
(٥) في "الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري" له (١/ ١٨).
• وهو محمد بن يوسف بن علي الكرماني، واشتهر ببغداد، وأقام بمكة.
ولد سنة (٧١٧ هـ) وتوفي ببغداد سنة (٧٨٦ هـ). [معجم المؤلفين ١٢/ ١٢٩].
(٦) ذكره الحافظ في "فتح الباري" (١/ ١٣) والعيني في "عمدة القاري" (١/ ٢٦) والعلماء يستحسنون تعريف البيضاوي ويتناقلونه.
(٧) ذكره الحافظ في "الفتح" (١/ ١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>