للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (وإنما لامرئ ما نوى) فيه تحقيق لاشتراط النية والإِخلاص في الأعمال قاله القرطبي فيكون على هذا جملة مؤكدة [للتي] (١) قبلها. وقال غيره: بل تفيد غير ما أفادته الأولى لأن الأولى نبهت على أن العمل يتبع النية ويصاحبها فيترتب الحكم على ذلك. والثانية أفادت أن العامل لا يحصل له إلا ما نواه قال ابن دقيق العيد (٢): والجملة الثانية [تقتضي كون] (٣) أن من نوى شيئًا يحصل له وكل ما لم ينوه لم يحصل فيدخل تحت ذلك ما لا ينحصر من المسائل [قال] (٤): ومن ههنا عظموا هذا الحديث إلى آخر كلامه.

ويدل على صحة كلامه أحاديث كثيرة واردة بثبوت الأجر لمن نوى خيرًا ولم يعمله كحديث: "رجلٌ آتاهُ الفهُ مالًا وعلمًا فهو يعملُ بعلمِهِ في مالِهِ وينفِقُه في حقه، ورجلٌ آتاهُ اللهُ عِلْمًا ولم يؤتِهِ مالًا فهوَ يقولُ: لو كانَ لي مِثْلَ هذا عملتُ فيه مثلَ العملِ الذي يعملُ فهُما في الأجرِ سواءْ" (٥). قال الحافظ (٦): "والمرادُ أنه يحصُلُ إذا عمله بشرائطه أو حال دون عمله له ما يعذر شرعًا بعدم عمله والمرادُ عدم الحصول إذا لم تقعِ النيةُ لا خصوصًا ولا عمومًا أما إذا لم يَنْوِ


(١) في (ب): (الذي).
(٢) في "إحكام الأحكام" (١/ ١٠).
(٣) زيادة من (ب).
(٤) زيادة من (أ).
(٥) وهو جزء من حديث أبي كبشة الأنماري.
أخرجه ابن ماجه (٢/ ١٤١٣ رقم ٤٢٢٨) واللفظ له.
وأخرجه أحمد في المسند (٤/ ٢٣٠) والطبراني في "الكبير" (٢٢/ ٣٤٥ رقم ٨٦٨) من طريق وكيع، ثنا الأعمش عن سالم بن أبي الجعد، عنه.
قال الحافظ ابن حجر في "النكت الظراف على الأطراف" (٩/ ٢٧٤): "لم يسمع سالم من أبي كبشة، وقد أخرجه أبو عوانة في "صحيحة" من طريق جرير، عن منصور، عن سالم قال: حدثت عن أبي كبشة" اهـ.
قلت: وأخرجه أحمد في المسند (٤/ ٢٣٠) وفيه تصريح سالم بالسماع لهذا الحديث من أبي كبشة.
وخلاصة القول أن الحديث صحيح والله أعلم.
(٦) في "فتح الباري" (١/ ١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>