للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فلا أقل من الاحتمال فيمتنع العمل بأحد الأمرين، ويتوجه الرجوع إلى البراءة الأصلية، ولو سلم رجوعه إلى القرآن على التعيين لكانت دلالته على المطلوب، وهو منع الجنب من مسه غير مسلمة، لأن المطهر من ليس بنجس، والمؤمن ليس بنجس دائمًا لحديث: "المؤمن لا ينجس" وهو متفق عليه (١)، فلا يصح حمل المطهر على من ليس بجنب أو حائض أو محدث أَو متنجس بنجاسة عينية، بل يتعين حمله على من ليس بمشرك كما في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ﴾ (٢) لهذا الحديث.

ولحديث النهي عن السفر بالقرآن إلى أَرض العدو (٣)، ولو سلم صدق اسم الطاهر على من ليس بمحدث حدثًا أكبر أو أصغر، فقد عرفت أن الراجح كون المشترك مجملًا في معانيه فلا يعين حتى يبين. وقد دل الدليل ههنا أن المراد به غيره لحديث: "المؤمن لا ينجس" (١)، ولو سلم عدم وجود دليل يمنع من إرادته، لكان تعيينه لمحل النزاع ترجيحًا (٤) بلا مرجح، وتعيينه لجميعها استعمالًا للمشترك في جميع معانيه، وفيه الخلاف، ولو سلم رجحان القول بجواز الاستعمال للمشترك في جميع معانيه، لما صح لوجود المانع وهو حديث: "المؤمن لا ينجس" (١)، واستدلوا أيضًا بحديث الباب.

وأجيب بأنه غير صالح للاحتجاج، لأنه من صحيفة غير مسموعة، وفي رجال إسناده خلاف شديد (٥)، ولو سلم صلاحيته للاحتجاج لعاد البحث السابق في لفظ طاهر، وقد عرفته.

قال السيد العلامة محمد بن إبراهيم الوزير: إن إطلاق اسم النجس على المؤمن الذي ليس بطاهر من الجنابة أو الحيض أَو الحدث الأصغر لا يصح لا حقيقة ولا مجازًا ولا لغة، صرح بذلك في جواب سؤال ورد عليه، فإن


(١) وهو حديث صحيح تقدم تخريجه آنفًا.
(٢) سورة التوبة: الآية ٢٨.
(٣) أخرجه البخاري رقم (٢٩٩٠) ومسلم رقم (١٨١٦) عن ابن عمر قال: نهَى رسول الله أن يسافَرَ بالقرآن إلى أرض العدو".
(٤) في (جـ): (ترجيح) وهو خطأ.
(٥) قلت: قد تبين لك مما سبق أن الحديث حسن بشواهده.

<<  <  ج: ص:  >  >>