للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثبت هذا فالمؤمن طاهر دائمًا فلا يتناوله الحديث سواء كان جنبًا أو حائضًا أو محدثًا، أو على بدنه نجاسة، فإن قلت: إذا تم ما تريد من حمل الطاهر على من ليس بمشرك فما جوابك فيما ثبت في المتفق عليه (١) من حديث ابن عباس "أنه كتب إلى هِرَقْل عظيم الروم: أسلم تسلم، وأسلم يؤتك الله أَجرك مرتين، فإن توليت فإنَّ عليك إثم الأريسيين (٢)، و ﴿يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ﴾ إلى قوله: ﴿مُّسْلِمُونَ﴾ (٣) مع كونهم جامعين بين نجاستي الشرك والاجتناب، ووقوع اللمس منهم له معلوم. قلت: أَجعله خاصًّا بمثل الآية والآيتين فإنه يجوز تمكين المشرك من مس ذلك المقدار لمصلحة، كدعائه إلى الإِسلام. ويمكن أَن يجاب عن ذلك، بأنه قد صار باختلاطه بغيره لا يحرم لمسه ككتب التفسير فلا تخصص به الآية والحديث.

إذا تقرر لك هذا عرفت عدم انتهاض الدليل على منع من عدا المشرك، وقد عرفت الخلاف في الجنب.

وأَما المحدث حدثًا أصغر فذهب ابن عباس والشعبي والضحاك وزيد بن


(١) أخرجه أحمد (١/ ٢٦٣) والبخاري رقم (٤٥٥٣) ومسلم رقم (١٧٧٣).
(٢) "الأريسيين: هكذا أوقع في هذه الرواية الأولى في مسلم: الأريسيين. وهو الأشهر في روايات الحديث وفي كتب أهل اللغة. وعلى هذا اختلف في ضبطه على أوجه: أحدها: بياءين بعد السين. والثاني: بياء واحدة بعد السين، وعلى هذين الوجهين الهمزة مفتوحة والراء مكسورة مخففة. والثالث: الإرِّيسيين بكسر الهمزة، وتشديد الراء وبياء واحدة بعد السين. ووقع في الرواية الثانية في مسلم، وفي أول صحيح البخاريّ: إثم اليَريسيين، بياء مفتوحة في قوله وبياءين بعد السين. واختلفوا في المراد بهم على أقوال: أصحها وأشهرها أنهم الأكارون، أي الفلاحون والزارعون. ومعناه إن عليك إثم رعاياك الذين يتبعونك وينقادون بانقيادك. ونبه بهؤلاء على جميع الرعايا لأنهم الأغلب، ولأنهم أسرع انقيادًا. فإذا أسلم أسلموا، وإذا امتنع امتنعوا. وهذا القول هو الصحيح.
الثاني: أنهم اليهود والنصارى، وهم أتباع عبد الله بن أريس الذي تنسب إليه الأروسية من النصارى، ولهم مقالة في كتب المقالات. ويقال لهم: الأروسيون.
الثالث: أنهم الملوك الذين يقودون الناس إلى المذاهب الفاسدة ويأمرونهم بها. اهـ.
[صحيح مسلم. تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي (٣/ ١٣٩٦)].
(٣) سورة آل عمران: الآية ٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>