للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وسيأتي للمصنف وغيره في شرح حديث أبي موسى أن صلاة جبريل كانت بمكة مقتصرين على ذلك.

قال الحربي: إن الصلاة قبل الإسراء كانت صلاة قبل الغروب، وصلاة قبل طلوع الشمس.

وقال أبو عمر (١): قال جماعة من أهل العلم: إن النبيّ لم يكن عليه صلاة مفروضة قبل الإسراء إلا ما كان أمر به من صلاة الليل على نحو قيام رمضان، من غير توقيت ولا تحديد ركعات معلومات، ولا لوقت محصور. وكان يقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه. وقامه معه المسلمون نحوًا من حول حتى شق عليهم ذلك، فأنزل الله [تعالى] (٢) التوبة عنهم، والتخفيف في ذلك، ونسخه وحطّه فضلًا منه ورحمة، فلم يبق في الصلاة فريضة إلا الخمس.

والحديث يدلّ على أن للصلوات وقتين وقتين إلا المغرب، وسيأتي الكلام على ذلك. وعلى أن الصلاة لها أوقات مخصوصة لا تجزئ قبلها بالإجماع، وعلى أن ابتداء وقت الظهر الزوال، ولا خلاف في ذلك يعتدّ به، وآخره مصير ظل الشيء مثله.

واختلف العلماء هل يخرج وقت الظهر بمصير ظل الشيء مثله أم لا؟ فذهب الهادي (٣) ومالك وطائفة من العلماء أنه يدخل وقت العصر، ولا يخرج وقت الظهر، وقالوا: يبقى بعد ذلك قدر أربع ركعات صالحًا للظهر والعصر أداء.

قال النووي في شرح مسلم (٤): واحتجّوا بقوله : "فصلّى بي الظهر في اليوم الثاني حين صار ظل كل شيء مثله، وصلّى العصر في اليوم الأول حين صار ظل كل شيء مثله" وظاهره اشتراكهما في قدر أربع ركعات.


(١) في "التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، مرتبًا على الأبواب الفقهية للموطأ" (١/ ٩٦).
(٢) زيادة من (جـ).
(٣) "البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار" (١/ ١٥٤).
(٤) (٥/ ١١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>