للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والحديث فيه ذكر أوقات الصلوات الخمس، وقد تقدم الكلام في الظهر، وسيأتي الكلام على وقت المغرب والعشاء والفجر كل في بابه.

وأمّا وقت العصر فالحديث يدلّ على امتداد وقته إلى اصفرار الشمس، كما في الرواية الأولى من حديث الباب، وإلى سقوط قرنها أي غروبه، كما في الرواية الثانية منه.

وحديث: "من أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس، فقد أدرك العصر" (١)، يدلّ على أن إدراك بعضها في الوقت يجزئ، وإلى هذا ذهب الجمهور (٢)، وقال أبو حنيفة (٣): آخره الاصفرار.

وقال الاصطخري: آخره المثلان، وبعدها قضاء. والأحاديث تردّ عليهم، ولكنه استدلّ الاصطخري بحديث جبريل السابق (٤)، وفيه: "أنه صلّى العصر اليوم الأوّل عند مصير ظل الشيء مثله، واليوم الثاني عند مصير ظل الشيء مثليه"، وقال بعد ذلك: "الوقت ما بين هذين الوقتين"، وقد أجيب عن ذلك بحمل حديث جبريل على بيان وقت الاختيار، لا لاستيعاب وقت الاضطرار والجواز.

وهذا الحمل لا بدّ منه للجمع بين الأحاديث، وهو أولى من قول من قال: إن هذه الأحاديث ناسخة لحديث جبريل، لأن النسخ لا يصار إليه مع إمكان


(١) أخرجه البخاري رقم (٥٧٩)، ومسلم رقم (١٦٣/ ٦٠٨)، وأبو داود رقم (٤١٢)، والترمذي رقم (١٨٦)، والنسائي (١/ ٢٥٧)، وابن ماجه رقم (١١٢٢)، وأحمد رقم (٢/ ٢٥٤)، ومالك (١/ ١٠ رقم ١٥) من حديث أبي هريرة.
(٢) "الثوري وأحمد وأبو ثور وإسحاق وداود وابن المنذر وهو قول الشافعي في القديم، واختاره من سمّى إلى الحديث من أصحابه كابن خزيمة والخطابي والبيهقي والبغوي في التهذيب والغزالي في الأخبار وصححه العجلي وابن الصلاح. وقال النووي: هو الصحيح"، "البناية في شرح الهداية" للعيني (٢/ ٢٨).
(٣) "وهو قول أبي بكر الصديق وأنس ومعاذ بن جبل وعائشة أجمعين ورواية ابن عباس وأبي هريرة . وبه قال عمر بن عبد العزيز والأوزاعي وزفر والمزني وابن المنذر والخطابي واختاره المبرد وثعلب " اهـ.
"البناية في شرح الهداية" للعيني (٢/ ٣٠).
(٤) تقدم تخريجه برقم (١/ ٤١٨) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>