للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عن وقت الصلاة، فقال: صلِّ معنا هذين الوقتين، فلما زالت الشمس أمر بلالًا فأذَّن، ثم أمره فأقام الظهر، ثم أمَره فأقام العصر، والشمس مرتفعة بيضاء نقيّة، ثم أمره فأقام المغرب حين غابت الشمس، ثم أمره فأقام العشاء حين غاب الشفق، ثم أمره فأقام الفجر حين طلع الفجر؛ فلما أن كان اليوم الثاني أمره، فأبردَ بالظهر وأنعم أن يبردَ بها، وصلَّى العصر والشمس مرتفعة أخّرها فوقَ الذي كان، وصلَّى المغرب قبل أن يغيب الشفق، وصلَّى العشاء بعد ما ذهب ثلث الليل، وصلَّى الفجر فأسفر بها، ثم قال: "أين السائل عن وقت الصلاة"؟ فقال الرجل: أنا يا رسول الله، قال: "وقت صَلاتِكم بينَ ما رأيتم".

قوله: (وأتاه سائل يسأله عن مواقيت الصلاة فلم يردّ عليه شيئًا)، أي: لم يرد جوابًا ببيان الأوقات باللفظ، بل قال له: صلِّ معنا لتعرفَ ذلك، ويحصل لك البيان بالفعل، كما وقع في حديث بُريدة أنه قال له: "صلِّ معنا هذين اليومين"، وليس المراد أنه لم يجب عليه بالقول ولا بالفعل، كما هو الظاهر من حديث أبي موسى؛ لأن المعلوم من أحواله أنه كان يُجيب من سأله عمّا يحتاج إليه، فلا بدّ من تأويل ما في حديث أبي موسى من قوله: "فلم يرد عليه شيئًا"، بما ذكرنا.

وقد ذكر معنى ذلك النووي (١).

قوله: (انشقّ الفجر) أي طلع.

وقوله: (والناس لا يكاد يعرف بعضهم بعضًا)، بيان لذلك الوقت.

قوله: (وَقَبَتِ الشَّمس) هو بقاف فباء موحدة فتاء مثناة، يقال: وقبت الشمس وقبًا ووقوبًا: غربت، ذكر معناه في القاموس (٢).

وفي الحديث بيان مواقيت الصلاة، وفيه تأخير وقت الحصر إلى قريب احمرار الشمس، وفيه: "أنه أخّر العشاء حتى كان ثلث الليل"، وفي حديث عبد الله بن عمرو السابق (٣) أنه أخّرها إلى نصف الليل، وهو بيان لآخر وقت الاختيار، وسيأتي تحقيق ذلك.


(١) في شرحه لصحيح مسلم (٥/ ١١٥ - ١١٦).
(٢) القاموس المحيط (ص ١٨٢).
(٣) تقدم تخريجه برقم (٨/ ٤٢٥) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>