للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فلم يدرك القصة المذكورة، لأنه ثبت عند النسائي (١) من رواية حفص بن غياث، وعند الطحاوي (٢) من رواية يحيى القطان كلاهما عن عبيد الله بن عمر عن القاسم عن عائشة بلفظ: "ولم يكن بينهما إلّا أن ينزل هذا ويصعد هذا".

قال النووي في شرح مسلم (٣): قال العلماء: معناه أن بلالًا كان يؤذن قبل الفجر ويتربّص بعد أذانه للدعاء ونحوه، ثم يرقب الفجر فإذا قارب طلوعه نزل فأخبر ابن أم مكتوم، فيتأهّب ابن أم مكتوم بالطهارة وغيرها ثم يرقى ويشرع في الأذان مع أوّل طلوع الفجر.

والحديث يدلّ على جواز اتخاذ مؤذنين في مسجد واحد (٤)، وأمّا الزيادة فليس في الحديث تعرّض لها، ونقل عن بعض أصحاب الشافعي أنه يكره الزيادة على أربعة لأن عثمان اتّخذ أربعة، ولم تنقل الزيادة عن أحد من الخلفاء الراشدين، وجوّزه بعضهم من غير كراهة، قالوا: إذا جازت الزيادة لعثمان على ما كان في زمن النبيّ جازت الزيادة لغيره. قال أبو عمر بن عبد البرّ: وإذا جاز اتخاذ مؤذنين جاز أكثر من هذا العدد إلّا أن يمنع من ذلك ما يجب التسليم له. اهـ.

والمستحب أن يتعاقبوا واحدًا بعد واحد كما اقتضاه الحديث إن اتّسع الوقت لذلك كصلاة الفجر، فإن تنازعوا في البداءة قرع بينهم (٥).


(١) في "السنن الكبرى" (١/ ٥٠١ رقم ١/ ١٦٠٣).
(٢) في "شرح معاني الآثار" (١/ ١٣٨).
(٣) (٧/ ٢٠٣ - ٢٠٤).
(٤) قال محمد بن إسماعيل الأمير في "سبل السلام" (٢/ ٦٠) ط ٢، بتحقيقي: "وفي الحديث دليل على جواز اتخاذ مؤذنين في مسجد واحدٍ، ويؤذن واحدٌ بعد واحدٍ، وأما أذانُ اثنين معًا، فمنعه قومٌ وقالوا: أولُ من أحدثه بنو أمية. وقيل: لا يكره إلا أن يحصل بذلك تشويش.
قلت: وفي هذا المأخذ نظر؛ لأن بلالًا لم يكن يؤذنُ للفريضة - كما عرفت - بل المؤذن لها واحد وهو ابنُ أم مكتومٍ" اهـ.
(٥) أمّا أذان الجماعة فبدعة.
قال: "ومن البدع أذان الجماعة المعروف بالأذان السلطاني أو أذان (الجوق)، فإنه لا خلاف في أنه مذموم مكروه، لما فيه من التلحين والتغني، وإخراج لكلمات الأذان عن أوصافها العربية، وكيفياتها الشرعية، بصورة تقشعر منها الجلود، وتتألم لها الأرواح الطاهرة، وأول من أحدثه: هشام بن عبد الملك … " اهـ. =

<<  <  ج: ص:  >  >>