للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صفته، ولاحتياج المؤذّن إلى الإعلام شرع له رفع الصوت بخلاف السامع، فليس مقصوده إلا الذكر والسر والجهر مستويان في ذلك. وظاهر الحديث إجابة المؤذن في جميع الحالات من غير فرق بين المصلّي وغيره. وقيل: يؤخر المصلّي الإجابة حتى يفرغ. وقيل: يجيب إلّا في الحيعلتين.

قال الحافظ (١): والمشهور في المذهب كراهة الإجابة في الصلاة بل يؤخّرها حتى يفرغ، وكذا حال الجماع والخلاء. قيل: والقول بكراهة الإجابة في الصلاة يحتاج إلى دليل ولا دليل، ولا يخفى أن حديث: "إن في الصلاة لشغلًا" (٢)، دليل على الكراهة، ويؤيّده امتناع النبيّ من إجابة السلام فيها وهو أهمّ من الإجابة للمؤذن.

وظاهر الحديث أنه يقول مثل ما يقول المؤذن من غير فرق بين الترجيع وغيره. وفيه متمسَّك لمن قال بوجوب الإجابة لأن الأمر يقتضيه بحقيقته، وقد حكى ذلك الطحاوي (٣) عن قوم من السلف، وبه قالت الحنفية (٤) وأهل الظاهر (٥) وابن وهب (٦).

وذهب الجمهور إلى عدم الوجوب (٧).

قال الحافظ (٨): واستدلّوا بحديث أخرجه مسلم (٩) وغيره (١٠): "أن النبيّ سمع مؤذنًا، فلما كبَّر قال: على الفطرة، فلما تشهَّد قال: خرج من النار"، قالوا: فلما قال غير ما قال المؤذن علمنا أن الأمر بذلك للاستحباب، وردّ بأنه ليس في الرواية أنه لم يقل مثل ما قال، وباحتمال أنه وقع ذلك قبل الأمر


(١) في "الفتح" (٢/ ٩٢).
(٢) وهو حديث صحيح.
أخرجه البخاري رقم (١٢١٦)، ومسلم رقم (٥٣٨) من حديث ابن مسعود.
(٣) في "شرح معاني الآثار" (١/ ١٤٤).
(٤) انظر: "البناية في شرح الهداية" (٢/ ١٠٨ - ١٠٩).
(٥) انظر: "المحلى" (١٣/ ٤٨).
(٦) عزاه إليه الحافظ في "الفتح" (٢/ ٩٣).
(٧) انظر: "المجموع" (٣/ ١٢٧).
(٨) في "الفتح" (٢/ ٩٣).
(٩) في "صحيحه" رقم (٣٨٢).
(١٠) كأحمد (١/ ٤٠٧)، والترمذي رقم (١٦١٨) كلهم من حديث أنس، وهو حديث صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>