للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الحافظ (١): وليس ذلك بمستقيم، إذ لا يلزم من وقوعه كذلك في رواية مسلم أن لا يقع عند البخاري على خلافه، وزاد البخاري (٢) في هذا الحديث عن أنس بلفظ: "وإن ركبتي لتمس فخذ نبي الله" وهو من جملة حجج القائلين بأن الفخذ ليست بعورة؛ لأن ظاهره أن المس كان بدون الحائل، ومس العورة بدون حائل لا يجوز.

ورد بما في صحيح مسلم (٣) ومن تابعه من أن الإزار لم تنكشف بقصد منه ، ويمكن أن يقال: إن الاستمرار على ذلك يدل على مطلوبهم لأنَّه وإن كان من غير قصد لكن لو كانت عورة لم يقرّ على ذلك لمكان عصمته ، وظاهر سياق أبي عوانة والجوزقي (٤) من طريق عبد الوارث عن عبد العزيز (٥) يدل على استمرار ذلك لأنَّه بلفظ: "فأجرى رسول الله في زقاق خيبر وإن ركبتي لتمس فخذ نبي الله [صلى الله تعالى عليه وسلم] (٦) وإني لأرى بياض فخذيه" وقد عرفت الجواب عن هذا الاحتجاج مما سلف.


(١) في "الفتح": (١/ ٤٨٠).
(٢) في صحيحه رقم (٣٧١).
(٣) رقم (١٣٦٥).
قال النووي في الخلاصة (١/ ٣٢٥ رقم ٩٥٢): "وفي رواية مسلم: "انحسَرَ الإزارُ عن فخذه" فهذه الرواية تبين رواية البخاري، وأن المراد أنه انحسر بغير اختياره لضرورة الإجراء فلا يلزم من هذا كون الفخذ ليست عورة يجب سترها في حال الاختيار" اهـ.
وقد جمع ابن القيم في "تهذيب السنن" (٦/ ١٧) بين الأحاديث بقوله: "وطريق الجمع بين هذه الأحاديث: ما ذكره غير واحد من أصحاب أحمد وغيرهم أن العورة عورتان: مخففة ومغلظة. فالمغلظة السوأتان، والمخففة الفخذان.
ولا تنافي بين الأمر بغض البصر عن الفخذين لكونهما عورة، وبين كشفهما لكونهما عورة مخففة والله أعلم" اهـ.
(٤) الجوزقي. هو محمد بن عبد الله بن محمد بن زكريا الشيباني، أبو بكر، محدّث نيسابور في عصره، حافظ ثقة له: "المسند الصحيح على كتاب مسلم (٣٠٦ هـ - ٣٨٨).
(٥) عبد العزيز هو بن صهيب البُناني البصري، ثقة مات سنة (١٣٠ هـ) روى له الجماعة. (التقريب) (١/ ٥١٠).
(٦) زيادة من (ج).

<<  <  ج: ص:  >  >>