للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والحديث احتج به القائلون بكراهية لبس الأحمر وقد تقدم ذكرهم.

وأجاب المبيحون عنه بأنه لا ينتهض للاستدلال به في مقابلة الأحاديث القاضية بالإباحة لما فيه من المقال وبأنه واقعة عين فيحتمل أن يكون ترك الرد عليه بسبب آخر وحمله البيهقي على ما صبغ بعد النسج لا ما صبغ غزلًا ثم نسج فلا كراهة فيه.

قال ابن التين (١): زعم بعضهم أن لبس النبي الحلة كان لأجل الغزو، وفيه نظر لأنه كان عقيب حجة الوداع ولم يكن له إذ ذاك غزو، وقد قدمنا الكلام على حجج الفريقين مستوفى.

قوله: (فلم يرد النبي عليه) فيه جواز ترك الرد على من سلم وهو مرتكب لمنهي عنه ردعًا له وزجرًا عن معصيته. قال ابن رسلان: ويستحب أن يقول المسلم عليه أنا لم أرد عليك لأنك مرتكب لمنهي عنه.

وكذلك يستحب ترك السلام على أهل البدع (٢) والمعاصي الظاهرة تحقيرًا لهم وزجرًا، ولذلك قال كعب بن مالك: فسلمت عليه فوالله ما رد السلام عليَّ (٣).

والجمع الذي ذكره الترمذي ونسبه إلى أهل الحديث جمع حسن لانتهاض الأحاديث القاضية بالمنع من لبس ما صبغ بالعصفر.


(١) واسمه: عبد الواحد بن التين السفاقسي. توفي سنة ٦١١ هـ.
واسم كتابه: المنجد الفصيح في شرح البخاري الصحيح.
اعتمده الحافظ في "الفتح" كما في "شجرة النور الزكية" (١٦٨) وبين كثيرًا من أوهامه وأخطائه.
انظر: "معجم المصنفات" ص ٢٢٧.
(٢) انظر كتاب "حقيقة البدعة وأحكامها" تأليف: سعيد بن ناصر الغامدي. (٢/ ٢٢٣ - ٣٧٤)
الفصل الثاني: حكم المبتدع.
(٣) يشير إلى الحديث الذي أخرجه البخاري رقم (٤٤١٨) ومسلم رقم (٢٧٦٩) حول توبة الثلاثة الذين خلفوا في غزوة تبوك. وفيه:
"فكنت أخرج فأشهد الصلاة مع المسلمين وأطوف الأسواق، ولا يكلمني أحد، وآتي رسول الله فأسلم عليه وهو في مجلسه بعد الصلاة فأقول في نفسي هل حرَّك شفتيه برد السلام عليّ أم لا؟ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>