للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والعلاقة هي السببية، فإن من نظر إلى غيره وهو في حالة ممتهنة رحمه.

وقال في شرح الترمذي: عبر عن المعنى الكائن عند النظر بالنظر لأن من نظر إلى متواضع رحمه، ومن نظر إلى متكبر مقته، فالرحمة والمقت متسببان عن النظر.

والحديث يدل على تحريم جر الثوب خيلاء. والمراد بجره هو جره على وجه الأرض وهو الموافق لقوله : "ما أسفل من الكعبين من الإزار في النار" كما سيأتي (١)، وظاهر الحديث أن الإسبال محرم على الرجال والنساء لما في صيغة من في قوله من جر من العموم، وقد فهمت أم سلمة ذلك لما سمعت الحديث فقالت: "فكيف [تصنع] (٢) النساء بذيولهن؟ قال: يرخينه شبرًا فقالت: إذًا [ينكشف] (٣) أقدامهن، قال: فيرخينه ذراعًا لا يزدن عليه" أخرجه النسائي (٤) والترمذي (٥)، ولكنه قد أجمع المسلمون على جواز الإسبال للنساء، كما صرح


= • وأخرج مسلم في صحيحه رقم (٣٤/ ٢٥٦٤) عن أبي هريرة. قال: قال رسول الله : "إنَّ الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم".
قال ابن أبي العز الحنفي في "شرح العقيدة الطحاوية" (ص ١٩٠):
"النظر له عدة استعمالات بحسب صِلاته وتعديه بنفسه: فإن عدي بنفسه؛ فمعناه التوقف والانتظار: ﴿انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ﴾ [الحديد: ١٣].
وإن عدي بـ (في)؛ فمعناه: التفكر والاعتبار؛ كقوله: ﴿أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [الأعراف: ١٨٥]. وإن عدي بـ (إلى)؛ فمعناه: المعاينة والإبصار؛ كقوله تعالى: ﴿انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ﴾ [الأنعام: ٩٩] اهـ.
وأنت ترى أن النظر فيما سبق من أدلة متعدٍ بـ (إلى) فأهل السنة.
والجماعة يقولون: إن الله ﷿ يرى ويبصر وينظر إلى ما يشاء بعينه ؛ كما يليق بشأنه العظيم ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١)﴾ [الشورى: ١١].
وانظر صفة (البصر) ص ٦٩ و (الرؤية) ص ١٢٠ و (العين) ص ١٨٧ من كتاب "صفات الله ﷿ الواردة في الكتاب والسنة" لعلوي بن عبد القادر السقاف.
(١) برقم (٤٤/ ٥٨٧) من كتابنا هذا.
(٢) في (جـ): (يصنع).
(٣) في (جـ): (تنكشف).
(٤) في السنن رقم (٨/ ٢٠٩).
(٥) في سننه رقم (١٧٣١).
• قال المحدث الألباني في "الصحيحة" (١/ ٨٢٨): "قلت: وفي الحديث دليل على أن قدمي المرأة عورة، وأن ذلك كان أمرًا معروفًا عند النساء في عهد النبوة، فإنه لما قال: "جرِّيه شبرًا"، قالت أم سلمة: "إذنْ، تتكشف القدمان" مما يشعر بأنها كانت تعلم أن القدمين عورة، لا يجوز كشفهما، وأقرها على ذلك، ولذلك أمرها أن تجرَّه ذراعًا. =

<<  <  ج: ص:  >  >>