للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (فَأُتِيَ) بضم الهمزة على البناء للمفعول، وقد بيَّن البخاري في رواية (١) أن ذلك كان بالزَوْراءِ وهي سوق بالمدينة.

وقوله: (بوَضُوءٍ) بفتح الواو وأيضًا أي بإناء فيه ماء ليتوضأ به. ووقع في رواية للبخاري (٢): فجاء [رجل] (٣) بقدح فيه ماء يسير فصَغُر أن يبسُطَ فيه كفَّهُ فضمَّ أصابعَهُ.

قوله: (يَنْبُع) بفتح أوّله وضم الموحدة ويجوز كسرها وفتحها، قاله في الفتح (٤).

قوله: (حتَّى توضَّؤوا مِنْ عندِ آخرِهمْ)، قال الكرماني (٥): " (حتى) للتدريجِ، و (من) للبيان. أي توضَّأَ الناسُ حتى توضأ الذين عند آخرِهم، وهو كنايةٌ عن جميعهم، و (عندَ) بمعنى في، لأنَّ عندَ وإن كانتْ للظرفيةِ الخاصةِ لكنَّ المبالغةَ تقتضي أن تكونَ لمطلقِ الظرفيةِ، فكأنه قال: الذينَ هم في آخرهِم. وقال التيميُّ: المعنى توضأ القوم حتى وصلت النوبةُ إلى الآخر. وقال النوويُّ: (من) هنا بمعنى إلى، وهي لغةٌ، وتعقبَهُ الكرمانيُّ بأنها شاذةٌ، ثم إن إلى لا يجوز أن تدخلَ على عندَ، ولا يلزمُ مثلُه في (من) إذا وقعتْ بمعنى إلى".

قال في الفتح (٦): "وعلى توجيهِ النوويِّ: يمكنُ أن يُقَالَ: (عندَ) زائدةٌ. والحديثُ يدلُّ على مشروعية المواساةِ بالماء عندَ الضرورة لمن كان في مائه فضلٌ عن وضوئِه، وعلى أن اغترافَ المتوضئ من الماءِ القليل لا يصيِّر الماءُ مستعملًا، واستدلَّ بهِ الشافعيُّ على أن الأمرَ بغسلِ اليدِ قبل إدخالها الإِناءَ ندبٌ لا حتمٌ - وسيأتي تحقيقُ ذلكَ - قالَ ابن بَطَّالٍ (٧): هذا الحديثُ شهدَهُ جمعٌ من الصحابةِ،


(١) في صحيحه (٦/ ٥٨٠ رقم ٣٥٧٢).
(٢) في صحيحه (١/ ٣٠١ رقم ١٩٥) و (٦/ ٥٨١ رقم ٣٥٧٥).
(٣) زيادة من (ب).
(٤) في "فتح الباري" (١/ ٢٧١).
(٥) هو محمد بن يوسف بن علي بن سعيد الكرماني. وهو شارح صحيح البخاري، واسم شرحه "تحقيق الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري" (٧١٧ هـ - ٧٨٦ هـ).
[معجم المؤلفين (٣/ ٧٨٤). و "البدر الطالع" (٢/ ٢٩٢)].
• وكلام الكرماني هذا ذكره الحافظ ابن حجر في "الفتح" (١/ ٢٧١).
(٦) أي: في "فتح الباري" (١/ ٢٧١ - ٢٧٢).
(٧) هو علي بن خلف بن عبد الملك بن بطال، أبو الحسن. عالم بالحديث، من أهل قرطبة. له شرح البخاري (خ). توفي سنة (٤٤٩ هـ).
["الأعلام" للزركلي (٤/ ٢٨٥)، وشذرات الذهب (٣/ ٢٨٣)].

<<  <  ج: ص:  >  >>