للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقالت الهادوية: إن استقبال القبلة من شروط صحة الصلاة، وقد عرَّفناك فيما سبق أن الأوامر بمجردها لا تصلح للاستدلال بها على الشرطية إلا على القول بأن الأمر بالشيء نهي عن ضده (١)، ولكن ههنا ما يمنع من الشرطية وهو خبر السَّرِيَّة الذي أخرجه الترمذي (٢) وأحمد (٣) والطبراني (٤) من حديث عامر بن ربيعة بلفظ: (كنا مع النبي في ليلة مظلمة، فلم ندر أين القبلة، [فصلى] (٥) كل رجل منا على حِياله، فلما أصبحنا ذكرنا ذلك للنبي ﴿فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ﴾) (٦).

فإن الاستقبال لو كان شرطًا لوجبت الإعادة في الوقت وبعده لأن الشرط يؤثر عدمه في العدم، مع أن الهادوية يوافقون في عدم وجوب الإعادة بعد الوقت وهو يناقض قولهم: إن الاستقبال شرط.

وهذا الحديث وإن كان فيه مقال عند المحدثين ولكن له شواهد تقويه:

(منها) حديث جابر عند البيهقي (٧) بلفظ: (صلينا ليلة في غيم وخفيت علينا القبلة، فلما انصرفنا نظرنا فإذا نحن قد صلينا إلى غير القبلة، فذكرنا ذلك لرسول الله فقال: قد أحسنتم ولم يأمرنا أن نعيد).

وله طريق أخرى عنه (٨) بنحو هذه وفيها أنه قال : (قد أجزأت صلاتكم) ولكنه تفرد به محمد بن سالم (٩)، ومحمد بن عبيد الله العرزمي (١٠) عن عطاء وهما ضعيفان.


(١) انظر: الرسالة رقم (٦٦) في (الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني) تحت عنوان: (بحث في كون الأمر بالشيء نهي عن ضده) وهي ضمن المجلد الخامس بتحقيقي.
(٢) في السنن رقم (٣٤٥)، وجزم أبو الأشبال في تعليقه على سنن الترمذي (٢/ ١٧٦ - ١٧٧) عند الكلام على الحديث بأنه حديث حسن، وقال المحدث الألباني في إرواء الغليل (١/ ٣٢٤) بعد أن ساق طرق الحديث والشاهد قال: إن الحديث يرقى إلى درجة الحسن إن شاء الله تعالى.
(٣) لم يخرجه أحمد في مسند عامر بن ربيعة (٣/ ٤٤٤).
(٤) لم أقف عليه.
(٥) في (ب): (وصلى).
(٦) سورة البقرة: الآية (١١٥).
(٧) في السنن الكبرى (٢/ ١١).
(٨) في السنن الكبرى (٢/ ١٠).
(٩) الكوفي أبو سهل. وهو ضعيف.
انظر ترجمته في: التاريخ الكبير (١/ ١/ ١٠٥) والجرح والتعديل (٧/ ٢٧٢) والمجروحين (٢/ ٢٦٢) والتقريب (٢/ ١٦٣).
(١٠) محمد بن عبيد الله العرزمي الفزاري، أبو عبد الرحمن، متروك. =

<<  <  ج: ص:  >  >>