للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(ومنها) جواز الاجتهاد في زمن النبي في أمر القبلة (١)، لأن الأنصار تحوّلوا إلى جهة الكعبة بالاجتهاد، ونظره الحافظ وقال: يحتمل أن يكون عندهم بذلك نص سابق.

(ومنها) جواز تعليم من ليس في الصلاة من هو فيها.

(ومنها) جواز نسخ الثابت بطريق العلم والقطع بخبر الواحد، وتقريره أن النبي لم ينكر على أهل قباء عملهم بخبر الواحد (٢).

وأجيب عن ذلك بأن الخبر المذكور احتف بالقرائن والمقدمات التي أفادت القطع لكونه في زمن تقلب وجهه في السماء ليحوَّل إلى جهة الكعبة، وقد عرفت منه الأنصار ذلك بملازمتهم له فكانوا يتوقعون ذلك في كل وقت، فلما فجأهم الخبر عن ذلك أفادهم العلم لما كانوا يتوقعون حدوثه.

وأجاب العراقي بأجوبة أخر:

(منها) أن النسخ بخبر الواحد كان جائزًا على عهد النبي وإنما امتنع بعده.

قال الحافظ (٣): ويحتاج إلى دليل.

(ومنها) أنه تلا عليهم الآية التي فيها ذكر النسخ بالقرآن وهم أعلم الناس بإطالته وإيجازه وأعرفهم بوجوه إعجازه.


(١) نص العبارة في (الفتح) (١/ ٥٠٧): (وفيه جواز الاجتهاد زمن النبي ، لأنهم كما تمادوا في الصلاة ولم يقطعوها، دلَّ على أنه رَجُحَ عندهم التمادي والتحول على القطع والاستئناف، ولا يكون ذلك إلَّا عن اجتهاد، كذا قيل، وفيه نظر لاحتمال أن يكون عندهم في ذلك نصّ سابق، لأنه كان مترقِّبًا التحوّل المذكور، فلا مانع أن يعلمهم ما صنعوا من التمادي والتحول) اهـ.
(٢) قال الإمام الشافعي في (الرسالة) ص (٤٠٦ - ٤٠٨): (وأهلُ قُباءٍ أهلُ سابقةٍ من الأنصار وفقهٍ، وقد كانوا على قبلةِ فرضَ اللَّهُ عليهم استقبالها، ولم يكن لهم أن يدَعوا فرض اللَّهِ في القبلة إلَّا بما تقوم عليهم الحجة، ولم يلقَوْا رسولَ الله، ولم يسمعوا ما أنزلَ اللَّهُ عليه في تحويل القبلة، فيكونون مستقبلين بكتاب الله وسنة نبيِّه سماعًا من رسول الله، ولا بخبرِ عامَّةٍ، وانتقلوا بخبرٍ واحدٍ، إذا كان عندهم من أهل الصدقِ -: عن فرضٍ كان عليهم، فتركوه إلى ما أخبرهم عن النبي أنه أحدث عليهم من تحويلِ القبلةِ.
ولم يكونوا ليفعلُوه - إن شاء اللَّهُ - بخبرٍ إلَّا عن علمٍ بأن الحجةَ تثبتُ بمثله، إذا كان من أهل الصدق.
ولا ليُحدثوا أيضًا مثلَ هذا العظيم في دينهم إلَّا على علمٍ بأنَّ لهم إحداثَهُ) اهـ.
(٣) في (الفتح) (١/ ٥٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>