للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذه الطرق يقوّي بعضها بعضًا فيصلح الحديث للاحتجاج به.

قوله: (مفتاح) بكسر الميم، والمراد أنه أول شيء يفتتح به من أعمال الصلاة لأنه شرط من شروطها.

قوله: (الطهور) بضم الطاء، وقد تقدم ضبطه في أول الكتاب، وفي رواية: "الوضوء مفتاح الصلاة".

قوله: (وتحريمها التكبير) فيه دليل على أن افتتاح الصلاة لا يكون إلا بالتكبير دون غيره من الأذكار، وإليه ذهب الجمهور (١).

وقال أبو حنيفة (٢): تنعقد الصلاة بكل لفظ قصد به التعظيم، والحديث يرد عليه لأن الإضافة في قوله: تحريمها، تقتضي الحصر، فكأنه قال: جميع تحريمها التكبير، أي انحصرت صحة تحريمها في التكبير لا تحريم لها غيره، كقولهم: مال فلان الإبل، وعلم فلان النحو.

وفي الباب أحاديث كثيرة تدل على تعيين لفظ التكبير من قوله وفعله، وعلى هذا فالحديث يدل على وجوب التكبير، وقد اختلف في حكمه.

فقال الحافظ (٣): إنه ركن عند الجمهور، وشرط عند الحنفية، ووجه عند الشافعي، وسنة عند الزهري. قال ابن المنذر (٤): ولم يقل به أَحد غيره، وروي


(١) قال ابن قدامة في المغني (٢/ ١٢٦ - ١٢٧): "وجملته أن الصلاة لا تنعقدُ إلا بقول: "الله أكبر" عند إمامنا ومالكٍ، وكان ابن مسعود، وطاوس، وأيوب - من فقهاء التابعين بالبصرة - ومالك والثوري، والشافعي يقولون: افتتاحُ الصلاةِ التكبير. وعلى هذا عوامُّ أهْلِ العلم في القديم والحديث، إلَّا أنَّ الشافعي قال: تنعقدُ بقوله: "الله الأكبر". لأن الألف واللام لم تغيره عن بنيته ومعناه، وإنما أفادت التعريف. وقال أبو حنيفة: تنعقدُ بكل اسمٍ للهِ تعالى على وجه التعظيم، كقوله: اللهُ عظيم، أو كبير … " اهـ.
(٢) البناية شرح الهداية (٢/ ١٩٧).
(٣) في "فتح الباري" (٢/ ٢١٧ - ٢١٨).
(٤) في الأوسط (٣/ ٧٧). ثم قال: "والأخبار الثابتة عن رسول الله في هذا الباب مستغني عما سواها، ولا معنى لقول أحدث مخالفًا للسنن الثابتة، ولما كان عليه الخلفاء الراشدون المهديون، وسائر المهاجرين والأنصار، وأصحاب رسول الله فقهاء المسلمين في القديم والحديث، وقد أجمع أهل العلم لا اختلاف بينهم، أن الرجل يكون داخلًا في الصلاة بالتكبير متبعًا للسنة إذا كبر لافتتاح الصلاة، وقد اختلفوا - فيمن سبح مكان التكبير لافتتاح الصلاة، وغير جائز أن تنعقد صلاة عقدها مصليها بخلاف السنة، والله أعلم"، اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>