للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رأْسَهُ بماءٍ غَيْرِ فَضْلِ يَدَيْهِ". وأخرج أيضًا (١) من حديثه أن النَّبيَّ : "أخذ لرأسه ماءً جديدًا". وأَخرج ابن حبان في صحيحه (٢) من حديثه أيضًا نحوه، وأنت خبير بأن كونه أخذ لرأسه ماءً جديدًا كما وقع في هذه الروايات لا ينافي ما في حديث الباب من أنه مسح رأسه بما بقي من وضوئه في يديه، لأن التنصيص على شيء بصيغة لا تدل إلا على مجرد الوقوع، ولم يتعرض فيها لحصر على المنصوص عليه ولا نفي لما عداه لا يستلزم عدم وقوع غيره.

والأولى الاحتجاج بما أخرجه الترمذي (٣) والطبراني (٤) من رواية ابن جارية بلفظ: "خُذْ لِلْرأسِ ماءً جديدًا"، فإن صح هذا دل على أنه يجب أن يؤخذ للرأس ماء جديد ولا يجزي مسحه بفضل ماء اليدين، ويكون المسح ببقية ماء اليدين إن صح حديث الباب مختصًا به ؛ لما تقرر في الأصول من أن فعله لا يعارض القول الخاص بالأمة، بل يكون مختصًا به، وذلك لأن أمره للأمة أمرًا خاصًّا بهم أخص من أدلة التأسي القاضية باتباعه في أقواله وأفعاله، فيُبنى العام على الخاص، ولا يجب التأسي به في هذا الفعل الذي ورد أمر الأمة بخلافه، وما نحن فيه من هذا القبيل، وإن كان خطابًا لواحد لأنه يلحق به غيره، إما بالقياس أو بحديث: "حُكْمي على الواحدِ كحُكْمي على الجماعةِ" (٥)، وهو وإن لم يكن حديثًا


(١) أي الترمذي في السنن (١/ ٥٢).
(٢) (٣/ ٣٥٨ رقم ١٠٧٧) بسند صحيح.
(٣) لم أقف عليه عند الترمذي؟!
(٤) في "الكبير" (٢/ ٢٦٠ - ٢٦١ رقم ٢٠٩١) بسند ضعيف جدًّا.
دَهْثَم بن قُرّان: قال الحافظ في "التقريب" رقم (١٨٣١): "متروك"، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (١/ ٢٣٤): رواه الطبراني في "الكبير" وفيه دَهْثَم بن قُرّان ضعفه جماعة، وذكره ابن حبان في الثقات" اهـ.
وقال ابن حبان في "المجروحين" (١/ ٢٩٠): "كان ممن يتفرد بالمناكير عن المشاهير، ويروي عن الثقات أشياء لا أصول لها، قال ابن معين: لا يكتب حديثه" اهـ.
وخلاصة القول: أن الحديث ضعيف جدًّا.
وانظر: في هذا الخصوص ما قاله البيهقيُّ في السنن الكبرى (١/ ٦٥) وتعقب ابن التركماني له في "الجوهر النقي".
وكذلك انظر: "الضعيفة" رقم (٩٩٥) للألباني.
(٥) ليس له أصل بهذا اللفظ. =

<<  <  ج: ص:  >  >>