للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (فكان يصنع ذلك في كل ركعة) لفظ البخاري: فكلمه أصحابه وقالوا: إنك تفتتح بهذه السورة لا ترى أنها تجزئك حتى تقرأ بأخرى، فإما أن تقرأ بها وإما أن تدعها وتقرأ [بالأخرى] (١)، فقال: ما أنا بتاركها، إن أحببتم أن أؤمكم بذلك فعلت وإن كرهتم ذلك تركتكم، وكانوا يرون أنه من أفضلهم وكرهوا أن يؤمهم غيره، فلما أتاهم النبي أخبروه الخبر فقال: يا فلان ما يمنعك أن تفعل ما يأمرك به أصحابك وما يحملك إلخ.

قوله: (ما يحملك) أجابه عن الحامل على الفعل بأنه المحبة وحدها.

قوله: (أدخلك الجنة) التبشير له بالجنة يدل على الرضا بفعله، وعبر بالفعل الماضي وإن كان الدخول مستقبلًا تنبيهًا على تحقيق الوقوع كما نص عليه أئمة المعاني، قال ناصر الدين بن المنير (٢) في هذا الحديث: إن المقاصد تغير أحكام الفعل، لأنَّ الرجل لو قال إن الحامل له على إعادتها أنه لا يحفظ غيرها لأمكن أن يأمره بحفظ غيرها، لكنه اعتل بحبها فظهرت صحة قصده فصوّبه.

قال: وفيه دليل على جواز تخصيص بعض القرآن بميل النفس إليه والاستكثار منه ولا يعد ذلك هجرانًا لغيره.

والحديث يدل على جواز قراءة سورتين في كل ركعة مع فاتحة الكتاب على ذلك التأويل من غير فرق بين الأوليين والأخريين، لأن قوله في كل ركعة يشمل الأخريين.

٥٠/ ٧١١ - (وَعَنْ حُذَيْفَةَ [] (٣) قالَ: صَلَّيْت مَعَ النّبيِّ ذَاتَ لَيْلَةٍ فافْتَتَحَ البَقَرَةَ، فَقُلْتُ: يَرْكَعُ عنْدَ الْمائةِ، ثمَّ مَضى، فقُلْت: يُصَلِّي بِها في ركْعَة، فَمَضَى، فَقُلْتُ: يَرْكَعُ بِها، فَمَضى، ثمَّ افْتَتَح النِّساءَ فَقَرَأها، ثمَّ افْتَتَح آلَ عِمْرَانَ فقَرَأَها مُتَرَسلًا إذَا مَرَّ بأصلةٍ فِيها تَسْبيحٌ سبِّح، وَإِذَا مَرَّ بِسؤالٍ سألَ، وَإِذَا مَرّ بِتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ، ثمَّ رَكَعَ فَجَعَلَ يَقُولُ: "سبْحانَ رَبِّيَ العظِيمِ"، وكانَ رُكُوعُه نَحْوًا مِنْ


(١) في المخطوط (ب) (بأخرى).
(٢) ذكره الحافظ ابن حجر في "الفتح" (٢/ ٢٥٨).
(٣) زيادة من (جـ).

<<  <  ج: ص:  >  >>