للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦٢/ ٧٢٣ - (وعَنْ أنسٍ [] (١) قالَ: قالَ رَسُولُ الله لأُبيّ: "إن الله أمَرَنِي أَنْ أَقرَأَ علَيْكَ ﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾، وفي رِوَايةٍ: "أَنْ أقرَأَ عَلَيْكَ القُرْآنَ قال: وسَمَّانِي لَكَ، قالَ: "نَعَمْ"، فَبَكى. مُتَّفَقٌ عَلَيْه) (٢). [صحيح]

قوله: (أمرني أَن أقرأ عليك) فيه استحباب قراءة القرآن على الحذاق فيه وأهل العلم به والفضل، وإن كان القارئ أفضل من المقروء عليه، وفيه منقبة شريفة لأبّي بقراءته عليه ولم يشاركه فيها أحد لا سيما مع ذكر الله تعالى لاسمِهِ ونَصِّهِ عليه في هذه المنزلة الرفيعة.

قوله: ﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ وجه تخصيص هذه السورة أنها وجيزة جامعة لقواعد كثيرة من أصول الدين وفروعه ومهماته والإخلاص وتطهير القلوب وكان الوقت يقتضي الاختصار (٣).


(١) زيادة من (جـ).
(٢) أخرجه أحمد في المسند (٣/ ١٣٠، ٢١٨) والبخاري رقم (٤٩٥٩) ومسلم رقم (١٢٢/ ٧٩٩).
قلت: وأخرجه الترمذي رقم (٣٧٩٢) وأبو يعلى رقم (٢٩٩٥) وغيرهم.
(٣) "والسورة تعرض عدة حقائق تاريخية وإيمانية في أسلوب تقريري، هو الذي يرجح أنها مدنية إلى جانب الروايات القائلة بهذا.
(والحقيقة الأولى): هي أن بعثة الرسول كانت ضرروية لتحويل الذين كفروا من أهل الكتاب ومن المشركين عما كانوا قد انتهوا إليه من الضلال والاختلاف، وما كانوا ليتحوّلوا عنه بغير هذه البعثة: ﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (١) رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً (٢) فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (٣)﴾.
(والحقيقة الثانية): أن أهل الكتاب لم يختلفوا في دينهم عن جهالة ولا عن غموض فيه، إنما اختلفوا من بعد ما جاءهم العلم وجاءتهم البينة: ﴿وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (٤)﴾.
(والحقيقة الثالثة): أن الدين في أصله واحد، وقواعده بسيطة واضحة، لا تدعو إلى التفرق والاختلاف في ذاتها وطبيعتها البسيطة اليسيرة: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (٥)﴾.
(والحقيقة الرابعة): أن الذين كفروا بعد ما جاءتهم البينة هم شر البرية، وأن الذين آمنوا وعملوا الصالحات هم خير البرية، ومن ثم يختلف جزاء هؤلا عن هؤلاء اختلافًا بينًا: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (٦) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (٧) جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (٨)﴾.

<<  <  ج: ص:  >  >>