للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المطلق على المقيد واجب (١).

ولا يخفاك أنه يبعد هذا الجمع ما قدمنا من أن مقام التصدي لبيان صفة صلاته يأبى الاقتصار على ذكر هيئة أحد التشهدين وإغفال الآخر مع كون صفته مخالفة لصفة المذكور، لا سيما حديث عائشة (٢) فإنها قد تعرضت فيه لبيان الذكر المشروع في كل ركعتين وعقبت ذلك بذكر هيئة الجلوس، فمن البعيد أن يخص بهذه الهيئة أحدهما ويهمل الآخر.

ولكنه يلوح من هذا أن مشروعية التورك في الأخير آكد في مشروعية النصب والفرش، وأما أنه ينفي مشروعية النصب والفرش فلا.

وإن كان حق حمل المطلق على المقيد هو ذلك لكنه منع من المصير إليه ما عرَّفناك. والتفصيل الذي ذهب إليه أحمد يرده قول أبي حميد في حديثه الآتي: "فإذا جلس في الركعة الأخيرة" (٣). وفي رواية لأبي داود (٤): "حتى إذا كانت السجدة التي فيها التسليم".

وقد اعتذر ابن القيم (٥) عن ذلك بما لا طائل تحته، وقد ذكر مسلم في صحيحه (٦) من حديث ابن الزبير صفة ثالثة لجلوس التشهد الأخير وهي أنه "كان يجعل قدمه اليسرى بين فخذه وساقه ويفرش قدمه اليمنى".

واختار هذه الصفة أبو القاسم الخرقي في مصنفه (٧)، ولعله كان يفعل هذا تارة.

وقد وقع الخلاف في الجلوس للتشهد الأخير، هل هو واجب أم


(١) انظر: "إرشاد الفحول" (ص ٥٤٠ - ٥٤١) في تعريف المطلق والمقيد.
وانظر شروط حمل المطلق على المقيد السبعة في: "إرشاد الفحول" (ص ٥٤٦ - ٥٤٨) بتحقيقي.
(٢) سيأتي برقم (١١١/ ٧٧٢) من كتابنا هذا.
(٣) برقم (١١٠/ ٧٧١) من كتابنا هذا.
(٤) في سننه رقم (٧٣٠) وهو حديث صحيح، تقدم في كتابنا هذا برقم (٦٧٢).
(٥) في "زاد المعاد" (١/ ٢٤٦).
(٦) في صحيحه رقم (٥٧٩).
(٧) المسمى "مختصر الخرقي" وشرحه ابن قدامة في المغني (٢/ ٢٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>