للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الفتح (١): وهو المشهور. قال النووي (٢) أيضًا: "وذكر شيخنا أبو عبد الله بن مالك أنه يجوز أيضًا جزمه عطفًا على موضع يبولن، ثم نصبه بإضمار أن وإعطاء ثم حكم واو الجمع".

فأما الجزم فلا مخالفة بينه وبين الأحاديث الدالة على أنه يحرم البول في الماء الدائم على انفراده، والغسل على انفراده كما تقدم في باب بيان زوال تطهيره لدلالته على تساوي الأمرين في النهي عنهما.

وأما النصب فقال النووي (٣): "لا يجوز لأنه يقتضي أن المنهي عنه الجمع بينهما دون إفراد أحدهما وهذا لم يقله أحد، بل البول فيه منهي عنه سواء أراد الاغتسال فيه أم لا". وضعفه ابن دقيق العيد بأنه لا يلزم أن يدل على الأحكام المتعددة لفظ واحد فيؤخذ النهي عن الجمع بينهما من هذا الحديث إن ثبتت رواية النصب، ويؤخذ النهي عن الإفراد من حديث آخر، وتعقبه ابن هشام في "المغني" فقال: إنه وهم، وإنما أراد ابن مالك إعطاءها حكمها في النصب لا في المعية، قال: وأيضًا ما أورده إنما جاء من قبيل المفهوم (٤) لا المنطوق (٥)، وقد قام دليل آخر على عدم إرادته، ونظيره إجازة الزجَّاج (٦) والزمخشري (٧)، في قوله


(١) (١/ ٣٤٧).
(٢) في شرح صحيح مسلم (٣/ ١٨٧).
(٣) في شرح صحيح مسلم (٣/ ١٨٧).
(٤) المفهوم: هو ما دل عليه اللفظ في غير محل النطق، أو ما أفاده اللفظ من أحوال لأمر غير مذكور. وينقسم إلى قسمين: مفهوم موافقة، ومفهوم مخالفة.
أما مفهوم الموافقة: فهو أن يكون حكم المسكوت عنه حكم المذكور. فإن كان المسكوت عنه أولى بالحكم من المنطوق فهو (فحوى الخطاب) نحو: ﴿فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ﴾ فإنه يدل على تحريم الضرب بالأولى.
وأما مفهوم المخالفة: فهو أن يكون المسكوت عنه مخالفًا للمنطوق به في الحكم. وينقسم إلى خمسة أقسام: صفة - وشرط - وغاية - وعدد - وحصر. وللأخذ بالمفاهيم شروط.
انظر ذلك في: "تفسير النصوص" (١/ ٦٠٧ - ٧٥٦) للدكتور محمد أديب الصالح.
(٥) المنطوق: هو ما أفاده اللفظ من أحوال مذكورة. وما دل عليه اللفظ في محل النطق.
وينقسم إلى قسمين: نص - وظاهر.
انظر المرجع السابق (١/ ٥٩٤ - ٦٠٦).
(٦) في "معاني القرآن وإعرابه" (١/ ١٢٤ - ١٢٥).
(٧) في "الكشاف" (١/ ٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>