للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تسليم تأخره عن حديث المسيء (١) لما عرَّفناك في شرحه من أنه لا يثبت الوجوب إلا بما علم تأخره عنه، لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز بالإجماع (٢) لا سيما وقد ثبت في بعض الروايات: "فإذا فعلت ذلك فقد تمت صلاتك" (١)، كما قدمنا ذلك.

إذا عرفت هذا تبين لك أن هذا الحديث لا يكون حجة يجب التسليم لها إلا بعد العلم بتأخره.

ويؤيد القول بعدم الوجوب حديث ابن مسعود (٣) المذكور في الباب.

وحديث ابن عمر قال: قال رسول الله : "إذا أحدث الرجل وقد جلس في آخر صلاته قبل أن يسلم فقد جازت صلاته" أخرجه أبو داود (٤) والترمذي (٥)، وقال: ليس إسناده بذاك القوي، وقد اضطربوا في إسناده، وإنما أشار إلى عدم قوة إسناده لأن فيه عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الأفريقي وقد ضعفه بعض أهل العلم.

وقال النووي في شرح المهذب (٦): إنه ضعيف باتفاق الحفاظ، وفيه نظر، فإنه قد وثقه غير واحد، منهم زكريا الساجي وأحمد بن صالح المصري. وقال يعقوب بن سفيان: لا بأس به، وقال يحيى بن معين: ليس به بأس.

وأما الاستدلال للوجوب بحديث سمرة بن جندب المتقدم (٧) فهو أيضًا لا ينتهض لذلك إلا بعد تسليم تأخره لما عرفت، على أنه أخص من الدعوى لأن غاية ما فيه أمر المؤتمين بالرد على الإمام والتسليم على بعضهم بعضًا، وليس فيه


(١) تقدم تخريجه برقم (٧٦٠) من كتابنا هذا.
(٢) انظر: "إرشاد الفحول" (ص ٥٧٤ - ٥٧٦) والبحر المحيط (٣/ ٤٩٤).
(٣) رقم (١٤١/ ٨٠٢) من كتابنا هذا.
(٤) في سننه رقم (٦١٧).
(٥) في سننه رقم (٤٠٨) وقال الترمذي: هذا حديث إسناده ليس بذاك القوي وقد اضطربوا في إسناده.
كما تكلم عليه الزيلعي في "نصب الراية" (٢/ ٦٢ - ٦٣).
وهو حديث ضعيف، والله أعلم.
(٦) انظر: المجموع (٣/ ٤٦٢).
(٧) وهو حديث ضعيف تقدم برقم (١٣٧/ ٧٩٨) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>