للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العموم في بول جميع الحيوان، وكأنه أراد الرد على الخطابي حيث قال: فيه دليل على نجاسة الأبوال كلها".

قال في الفتح (١): "ومحصل الرد أن العموم في رواية "من البول" أُريد به الخصوص لقوله: "من بوله" أو الألف واللام بدل من الضمير، انتهى. والظاهر طهارة الأبوال والأزبال من كل حيوان يؤكل لحمه تمسكًا بالأصل واستصحابًا للبراءة الأصلية، والنجاسة حكم شرعي ناقل عن الحكم الذي يقتضيه الأصل والبراءة فلا يقبل قول مدَّعيها إلا بدليل يصلح للنقل عنها، ولم نجد للقائلين بالنجاسة دليلًا كذلك، وغاية ما جاؤوا به حديث صاحب القبر وهو مع كونه مرادًا به الخصوص كما سلف عموم ظني الدلالة لا ينتهض على معارضة تلك الأدلة المعتضدة بما سلف، وقد طوَّل ابن حزم الظاهري في المحلَّى (٢) الكلام على هذه المسألة بما لم نجده لغيره لكنه لم يدر بحثه على غير حديث صاحب القبر.

فإن قلت: إذا كان الحكم بطهارة بول ما يؤكل لحمه وزبله لما تقدم حتى يرد دليل، فما الدليل على نجاسة بول غير المأكول وزبله على العموم؟

قلت: قد تمسَّكوا بحديث "إنها ركس"، قاله في الروثة، أخرجه البخاري (٣) والترمذي (٤) والنسائي (٥). وبما تقدم في بول الآدمي، وألحقوا سائر الحيوانات التي لا تؤكل به بجامع عدم الأكل وهو لا يتم إلا بعد تسليم أن علة النجاسة عدم الأكل وهو منتقض بالقول بنجاسة زُبْلِ الجلَّالة، والدفع بأن العلة في زبل الجلَّالة هو الاستقذار منقوض باستلزامه لنجاسة كل مستقذر كالطاهر إذا صار منتنًا، إلَّا أن يقال: إن زبل الجلَّالة هو محكوم بنجاسته لا للاستقذار، بل لكونه عين النجاسة الأصلية التي جلتها الدابة لعدم الاستحالة التامة.


(١) (١/ ٣٢١ - ٣٢٢
(٢) (١/ ١٧٧ - ١٨٢).
(٣) في صحيحه (١/ ٢٥٦ رقم ١٥٦).
(٤) في السنن (١/ ٢٥ رقم ١٧).
(٥) في السنن (١/ ٣٩ - ٤١ رقم ٤٢).
قلت: وأخرجه أحمد في "المسند" (٦/ ١٤٦ رقم ٤٢٩٩ - شاكر)، والدارقطني، في السنن (١/ ٥٥ رقم ٥) وابن ماجه (١/ ١١٤ رقم ٣١٣) والبيهقي (١/ ١٠٨) والطيالسي في المسند (ص ٣٧ رقم ٢٨٧) والطبراني في "الكبير" (١٠/ ٧٣ رقم ٩٩٥١) وابن خزيمة في صحيحه (١/ ٣٩ رقم ٧٠). كلهم من حديث ابن مسعود.

<<  <  ج: ص:  >  >>