للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأيضًا ثبت السلت للرطب والحك لليابس من فعله كما في حديث الباب، وثبت أمره بالحت وقال: "إنما يكفيك أن تمسحه بخرقة أو إذخرة". وأجيب بأن ذلك لا يدل على الطهارة وإنما يدل على كيفية التطهير، فغاية الأمر أنه نجس خُفف في تطهيره بما هو أخف من الماء، والماء لا يتعيَّن لإزالة جميع النجاسات كما حرَّرناه في هذا الشرح سابقًا، وإلَّا لزم طهارة العذرة التي في النعل، لأن النبي أمر بمسحها في التراب ورتب على ذلك الصلاة فيها، قالوا: قال : "إنما هو بمنزلة المخاط والبزاق والبصاق" (١) كما في الحديث السابق. وأجيب بأنه موقوف كما قال البيهقي.

قالوا: الأصل الطهارة فلا ينتقل عنها إلا بدليل، وأجيب بأن التعبد بالإزالة غسلًا أو مسحًا أو فركًا أو حتًّا أو سلتًا أو حكًا ثابت، ولا معنى لكون الشيء نجسًا إلا أنه مأمور بإزالته بما أحال عليه الشارع.

فالصواب أن المني نجس يجوز تطهيره بأحد الأمور الواردة، وهذا خلاصة ما في المسألة من الأدلة من جانب الجميع (٢). وفي المقام مطاولات ومقاولات والمسألة حقيقة بذاك (٣)، ولكنه أفضى الأمر إلى تلفيق حجج واهية كالاحتجاج بتكرمة


= والحاكم (١/ ٢٦٠) وصححه على شرط مسلم، ووافقه الذهبي وهو كما قالا.
عن أبي سعيد الخدري قال: بينما رسول الله يصلي بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره، فلما رأى ذلك القوم ألقوا نعالهم، فلما قضى رسول الله صلاته قال: "ما حملكم على إلقاء نعالكم"؟ قالوا: رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا، فقال رسول الله : "إن جبريل أتاني فأخبرني أن فيهما قذرًا". أو قال: أذىً. وقال: "إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر، فإن رأى في نعليه قذرًا أو أذى فليمسحْهُ وليصلّ فيهما".
(١) وهو حديث منكر مرفوعًا وصحيح موقوفًا. تقدم رقم (٢٤/ ٤٢) من كتابنا هذا.
(٢) لقد رجع الإمام الشوكاني عن هذا في كتابيه:
أ - وبل الغمام على شفاء الأوام. بتحقيقي (١/ ١٧٧): " … وقد أوردت في شرح المنتقى حجج المختلفين، ورجحت هناك ما رجحت، وظهر لي الآن أن القيام في مقام المنع هو الذي يدين عند الله" اهـ.
ب - السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار (١/ ٣٤): " .. وتعرف أيضًا عدمَ انتهاض ما استدل به القائلون بنجاسة مني الآدمي … " اهـ. وقد حققت كتاب "السيل الجرار" ولله الحمد والمنة وتم طبعه.
(٣) قال الأمير الصنعاني في كتابه "سبل السلام" بتحقيقي (١/ ٢٠٧ - ٢٠٨): " … وبين =

<<  <  ج: ص:  >  >>