وقد نبه على ذلك العلامة الألوسي في كتابه: "روح المعاني" (٦/ ٤٥٥) بقوله: ففيه تنبيه قوي على أن الأصل في الموتى أنهم لا يسمعون، ولكن أهل القليب في ذلك الوقت قد سمعوا نداء النبي ﷺ وبإسماع الله تعالى إياهم خرقًا للعادة ومعجزة للنبي ﷺ. ووجه الاستدلال الآخر أن النبي ﷺ أقر عمر وغيره من الصحابة على ما كان مستقرًا في نفوسهم واعتقادهم أن الموتى لا يسمعون. وأقرهم ﷺ على فهمهم للآية على ذلك الوجه العام الشامل لموتى القليب وغيرهم لأنه لم ينكره عليهم، ولا قال لهم: أخطأتم، فالآية لا تنفي مطلقًا سماع الموتى بل إنَّه أقرهم على ذلك، ولكن بين لهم ما كان خافيًا عليهم من شأن القليب وأنهم سمعوا كلامه حقًّا وأن ذلك أمر خاص مستثنى من الآية، معجزة له ﷺ. ٥ - قوله ﷺ: "إن لِلَّهِ ملائكةً سيَّاحينَ في الأرضِ يبلِّغوني عن أمتي السلام" وهو حديث صحيح. أخرجه أحمد (١/ ٣٨٧)، (١/ ٤٥٢) والنسائي (٣/ ٤٣) وفي عمل اليوم والليلة" رقم (٦٦) وعبد الرزاق في المصنف رقم (٣١١٦) وابن أبي شيبة في المصنف (٢/ ٥١٧) والطبراني في المعجم الكبير رقم (١٠٥٢٨)، (١٠٥٢٩)، (١٠٥٣٠) والدارمي (٢/ ٣١٧) وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (٢/ ٢٠٥) وإسماعيل القاضي (٢١) والبغوي في شرح السنة رقم (٦٨٧) كلهم من طريق سفيان الثوري، عن عبد الله بن السائب، عن زاذان، عن ابن مسعود، به. وصححه الحاكم (٢/ ٤٢١) ووافقه الذهبي، وصححه أيضًا ابن القيم في "جلاء الأفهام" ص ٢٤. ووجه الاستدلال به: أنه صرح في أنَّ النبي ﷺ لا يسمع سلام المسلمين عليه إذ لو كان يسمعه بنفسه، لما كان بحاجة إلى من يبلغه إليه كما هو ظاهر لا يخفى على أحد إن شاء الله تعالى، وإذا كان الأمر كذلك فبالأولى أنه ﷺ لا يسمع غير السلام من الكلام. وإذا كان كذلك فلأن لا يسمع السلام غيره من الموتى أولى وأحرى. • القول الثاني: أن الموتى يسمعون: ومن أدلتهم على ذلك: ١ - حديث قليب بدر وقد تقدم. وقد عرفت مما سبق أنه خاص بأهل قليب بدر من جهة، وأنه دليل على أن الأصل في الموتى أنهم لا يسمعون من جهة أخرى، وأن سماعهم، كان خرقًا للعادة. ٢ - قوله ﷺ: "إن الميت ليسمع قرع نعالهم إذا انصرفوا"، وهو حديث صحيح. أخرجه البخاري رقم (١٣٣٨) ومسلم رقم (٢٨٧٠) من حديث أنس ﵁. =