للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد جمع النووي (١) بين الأحاديث فقال: كان في وقت يقرأ في العيدين بـ ﴿ق﴾ و ﴿اقْتَرَبَتِ﴾، وفي وقت بـ ﴿سَبِّحِ﴾ و ﴿هَلْ أَتَاكَ﴾، وقد سبقه إلى مثل ذلك الشافعي (٢).

ووجه الحكمة في القراءة في العيدين بالسورة المذكورة أن في سورة ﴿سَبِّحِ﴾ الحثّ على الصلاة وزكاة الفطر على ما قال سعيد بن المسيب (٣)، وعمر بن عبد العزيز في تفسير قوله تعالى ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (١٤) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (١٥)[الأعلى: ١٤، ١٥].

فاختصت الفضيلة بها كاختصاص الجمعة بسورتها.

وأما الغاشية فللموالاة بين سبح وبينها كما بين الجمعة والمنافقين.

وأما سورة ﴿ق﴾ و ﴿اقْتَرَبَتِ﴾؛ فنقل النووي في شرح مسلم (٤) عن العلماء أن ذلك لما اشتملتا عليه من الإخبار بالبعث، والإخبار عن القرون الماضية وإهلاك المكذّبين، وتشبيه بروز الناس في العيد ببروزهم في البعث وخروجهم من الأجداث كأنهم جراد منتشر.

وقد استشكل بعضهم سؤال عمر لأبي واقد الليثي عن قراءة النبيّ في العيد مع ملازمة عمر له في الأعياد وغيرها.

قال النووي (٥): قالوا يحتمل أن عمر شك في ذلك فاستثبته، أو أراد إعلام الناس بذلك أو نحو ذلك.

قال العراقي: ويحتمل أن عمر كان غائبًا في بعض الأعياد عن شهوده، وأن ذلك الذي شهده أبو واقد كان في عيد واحد أو أكثر.

قال: ولا عجب أن يخفى على الصاحب الملازم بعض ما وقع من


(١) في المجموع شرح المهذب (٥/ ٢٣).
(٢) قال ابن المنذر في الأوسط (٤/ ٢٨٤): "قال أبو بكر: الإمام بالخيار إن شاء قرأ في صلاة العيدين بـ ﴿ق﴾ و ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ﴾، وإن شاء ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾، و ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ﴾. والاختلاف في هذا من جهة المباح، وإن قرأ بفاتحة الكتاب وسورة سوى ما ذكرناه أجزأه" اهـ.
(٣) الدر المنثور (٨/ ٤٨٦).
(٤) (٦/ ١٨٢).
(٥) في شرحه لصحيح مسلم (٦/ ١٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>