للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفيه أن شهادة أربعة من جيران الميت من موجبات مغفرة الله تعالى له.

ويؤيد ذلك ما أخرجه البخاري (١) وغيره (٢) عن عمر أن النبيّ قال: "أيما مسلم شهد له أربعة بخير أدخله الله الجنة، فقلنا: وثلاثة؟ قال: وثلاثة، فقلنا: واثنان؟ قال: واثنان، ثم لم نسأله عن الواحد".

قال الزين بن المنير (٣): إنما لم يسأله عمر عن الواحد استبعادًا منه أن يكتفي في مثل هذا المقام العظيم بأقل من النصاب.

قال الداودي (٣): المعتبر في ذلك شهادة أهل الفضل والصدق لا الفسقة؛ لأنهم قد يثنون على من [يكون] (٤) مثلهم، ولا من بينه وبين الميت عداوة؛ لأن شهادة العدوّ لا تقبل.

وقد أخرج الشيخان (٥) وغيرهما (٦) من حديث أنس قال: "مرّ بجنازة فأثنوا عليها خيرًا، فقال: وجبت ثم مرّ بأخرى فأثنوا عليها شرًّا، فقال: وجبت، فقال عمر: ما وجبت؟ قال: هذا أثنيتم عليه خيرًا فوجبت له الجنة، وهذا أثنيتم عليه شرًّا فوجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض"، هذا لفظ البخاري.

وفي مسلم (٧): "وجبت وجبت وجبت ثلاثًا في الموضعين".

قال النووي (٨): قال بعضهم: معنى الحديث أن الثناء بالخير لمن أثنى عليه أهل الفضل وكان ذلك مطابقًا للواقع فهو من أهل الجنة. فإن كان غير مطابق فلا، وكذا عكسه.

قال (٨): والصحيح أنه على عمومه، وإن مات فألهم الله تعالى الناس الثناء عليه بخير كان دليلًا على أنه من أهل الجنة سواء كانت أفعاله تقتضي ذلك أم


(١) في صحيحه رقم (١٣٦٨).
(٢) كالترمذي رقم (١٠٥٩) والنسائي رقم (١٩٣٤).
(٣) حكاه عنه الحافظ في "الفتح" (٣/ ٢٣٠).
(٤) في المخطوط (ب) (كان).
(٥) البخاري رقم (١٣٦٧) ومسلم رقم (٦٠/ ٩٤٩).
(٦) كالترمذي رقم (١٠٥٨) والنسائي رقم (١٩٣٣).
(٧) في صحيحه رقم (٦٠/ ٩٤٩).
(٨) في شرحه لصحيح مسلم (٧/ ١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>